للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال وفي يوم الخميس لعشر خلون من ذي القعدة تزوج الخليفة الطائع شاه باز بنت عز الدولة على صداق مائة ألف دينار، وفي سلخ ذي القعدة عز القاضي أبو الحسن محمد بن صالح بن أم شيبان وقلده أبو محمد معروف. وإمام الحج فيها أصحاب الفاطمي، وخطب له بالحرمين دون الطائع والله سبحانه أعلم.

[ذكر أخذ دمشق من أيدي الفاطميين]

ذكر ابن الأثير في كامله: أن الفتكين (١) غلام معز الدولة الذي كان قد خرج عن طاعته كما تقدم، والتف عليه عساكر وجيوش من الديلم والترك والاعراب، نزل في هذه السنة على دمشق، وكان عليها من جهة الفاطميين ريان الخادم، فلما نزل بظاهرها خرج إليه كبراء أهلها وشيوخها فذكروا له ما هم فيه من الظلم والغشم ومخالفة الاعتقاد بسبب الفاطميين، وسألوه أن يصمم على أخذها ليستنقذها منهم، فعند ذلك صمم على أخذها ولم يزل حتى أخذها وأخرج منها ريان (٢) الخادم وكسر أهل الشر بها، ورفع أهل الخير، ووضع في أهلها العدل وقمع أهل اللعب واللهو، وكف أيدي الاعراب الذين كانوا قد عاثوا في الأرض فسادا، وأخذوا عامة المرج والغوطة، ونهبوا أهلها. ولما استقامت الأمور على يديه وصلح أمر أهل الشام كتب إليه المعز الفاطمي (٣) يشكر سعيه ويطلبه إليه ليخلع عليه ويجعله نائبا من جهته، فلم يجبه إلى ذلك، بل قطع خطبته من الشام وخطب للطائع العباسي، ثم قصد صيدا وبها خلق من المغاربة عليهم ابن الشيخ، وفيهم ظالم بن موهب العقيلي الذي كان نائبا على دمشق للمعز الفاطمي، فأساء بهم السيرة، فحاصرهم ولم يزل حتى أخذ البلد منهم وقتل منهم نحو من أربعة آلاف من سراتهم، ثم قصد طبرية ففعل بأهلها مثل ذلك، فعند ذلك عزم المعز الفاطمي على المسير إليه، فبينما هو يجمع له العساكر إذ توفي المعز في سنة خمس وستين كما سيأتي، وقام بعده ولده العزيز، فاطمأن عند ذلك الفتكين بالشام، واستفحل أمره وقويت شوكته، ثم اتفق أمر المصريين على أن يبعثوا جوهرا القائد لقتاله وأخذ الشام من يده، فعند ذلك حلف أهل الشام لافتكين أنهم معه على الفاطميين، وأنهم ناصحون له غير تاركيه وجاء جوهر فحصر دمشق سبعة أشهر (٤) حصرا شديدا ورأى من شجاعة الفتكين ما بهره، فلما طال الحال أشار من أشار من الدماشقة على الفتكين أن يكتب إلى الحسين (٥) بن أحمد القرمطي وهو بالأحساء (٦)، ليجئ


(١) في العبر والنجوم الزاهر وتاريخ أبي الفداء وابن الوردي: أفتكين.
(٢) في العبر ٤/ ٥١: زياد وفي رواية أخرى ٣/ ٤٣٠: ريان كالأصل. وفي ابن الورد ١/ ٤٤٨: زبان.
(٣) في الكامل ٨/ ٦٥٧: وكاتب (أي افتكين) المعز يداريه، ويظهر له الانقياد، فشكره، وطلب منه ان يحضره عنده ليخلع عليه. (انظر العبر/ ٤٣١).
(٤) في العبر ٤/ ٥٢: شهرين.
(٥) في الكامل ٨/ ٦٥٨: الحسن. وفي العبر لابن خلدون ٤/ ٥٢: الأعصم.
(٦) من الكامل والعبر، وفي الأصل: الحساء

<<  <  ج: ص:  >  >>