للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: (قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين. ويذهب غيظ قلوبهم ويتوب الله على من يشاء) الآية [التوبة: ١٤ - ١٥]. فكان قتل أبي جهل على يدي شاب من الأنصار، ثم بعد ذلك يوقف عليه عبد الله بن مسعود ومسك بلحيته وصعد على صدره حتى قال له لقد رقيت مرتقى صعبا يا رويعي الغنم، ثم بعد هذا حز رأسه واحتمله حتى وضعه بين يدي رسول الله فشفى الله به قلوب المؤمنين، كان هذا أبلغ من أن تأتيه صاعقة أو أن يسقط عليه سقف منزله أو يموت حتف أنفه والله أعلم.

وقد ذكر ابن إسحاق فيمن قتل يوم بدر مع المشركين ممن كان مسلما ولكنه خرج معهم تقية منهم لأنه كان فيهم مضطهدا قد فتنوه عن إسلامه جماعة منهم، الحارث بن زمعة بن الأسود، وأبو قيس بن الفاكه [وأبو قيس بن الوليد بن المغيرة] (١) وعلي بن أمية بن خلف، والعاص بن منبه بن الحجاج. قال وفيهم نزل قوله تعالى: (الذين تتوفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا) [النساء: ٩٧] وكان جملة الأسارى يومئذ سبعين أسيرا كما سيأتي الكلام عليهم فيما بعد إن شاء الله منهم من آل رسول الله عمه العباس بن عبد المطلب، وابن عمه عقيل بن أبي طالب، ونوفل بن الحارث بن عبد المطلب، وقد استدل الشافعي والبخاري وغيرهما بذلك على أنه ليس كل من ملك ذا رحم محرم يعتق عليه وعارضوا به حديث الحسن عن ابن سمرة في ذلك فالله أعلم. وكان فيهم أبو العاص بن الربيع بن عبد شمس بن أمية زوج زينب بنت النبي .

[فصل]

وقد اختلف الصحابة في الأسارى أيقتلون أو يفادون على قولين، كما قال الإمام أحمد: حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس - وذكر رجل - عن الحسن. قال استشار رسول الله الناس في الأسارى يوم بدر فقال: " إن الله قد أمكنكم منهم " قال فقام عمر فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم، قال فأعرض عنه النبي ، ثم عاد النبي فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر الصديق فقال يا رسول نرى أن تعفو عنهم وأن نقبل منهم الفداء. قال فذهب عن وجه رسول الله ما كان فيه من الغم فعفا عنهم وقبل منهم الفداء. قال وأنزل الله تعالى: (لولا كتاب من الله سبق لمسكم) الآية، انفرد به أحمد (٢). وقد روى الإمام أحمد - واللفظ له - ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه وكذا علي بن المديني وصححه من حديث عكرمة بن عمار حدثنا


(١) سقط من الأصل، واستدرك من ابن هشام.
(٢) مسند أحمد ج ٣/ ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>