للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خبر قصي بن كلاب وارتجاعه ولاية البيت إلى قريش وانتزاعه ذلك من خزاعة]

وذلك أنه لما مات أبوه كلاب تزوج أمه ربيعة بن حرام من عذرة وخرج بها وبه إلى بلاده ثم قدم قصي مكة وهو شاب فتزوج حبى ابنة رئيس خزاعة حليل بن حبشية (١). فأما خزاعة فزعم أن حليلا أوصى إلى قصي بولاية البيت لما رأى من كثرة نسله من ابنته وقال أنت أحق بذلك مني. قال ابن إسحاق: ولم نسمع ذلك إلا منهم وأما غيرهم فإنهم يزعمون أنه استغاث بإخوته من أمه وكان رئيسهم رزاح بن ربيعة وأخوته وبني كنانة وقضاعة ومن حول مكة من قريش وغيرهم فأجلاهم عن البيت واستقل هو بولاية البيت لان إجازة الحجيج كانت إلى صوفة (٢) وهم بنو الغوث بن مر بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر فكان الناس لا يرمون الجمار حتى يرموا ولا ينفرون من منى حتى ينفروا فلم يزل كذلك فيهم حتى انقرضوا فورثهم ذلك بالقعدد بنو سعد بن زيد مناة بن تميم فكان أولهم صفوان بن الحارث بن شجنة بن عطارد بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم وكان ذلك في بيته حتى قام على آخرهم الاسلام وهو كرب بن صفوان. وكانت الإجازة من المزدلفة في عدوان حتى قام الاسلام على آخرهم وهو أبو سيارة عميلة بن الأعزل وقيل اسمه العاص واسم الأعزل خالد وكان يجيز بالناس على أتان له عوراء مكث يدفع عليها في الموقف أربعين سنة وهو أول من جعل الدية مائة وأول من كان يقول أشرق ثبير كيما نغير حكاه السهيلي.


(١) والسبب في عودته إلى مكة كما يرويه الطبري وابن إسحاق; هو تعييره بنسبه لأنه ادعى في بني ربيعة، ومرة تساب مع آخر فعيره وقال له: لست منا .. فأخبرته أمه بنسبه وشرفه فعاد إلى مكة في حاج قضاعة. وفي مكة تزوج حبى بنت حليل.
وأقام قصي في مكة مع حليل وولدت له حبى عبد الدار وعبد مناف وعبد العزى فلما انتشر ماله وعظم شرفه هلك حليل فرأى قصي أنه أولى بالكعبة وأمر مكة من خزاعة وبني بكر. فكلم رجالا من قريش وبني كنانة لمساعدته، وكتب إلى أخيه في بني ربيعة .. فاقتتلوا بمفضى مأزمي منى وكثرت القتلى في الحرم ودخلت قبائل العرب بينهم واصطلحوا على أن يحكموا بينهم يعمر بن عوف .. فحكم إلى قصي بحجابة الكعبة وولاية البيت.
وقيل إن حليل كان ربما أعطى المفاتيح إلى ابنته حبى لما كبر وضعف، وربما كان قصي أخذها في بعض الأحيان ففتح البيت للناس أغلقه ولما هلك حليل أوصى بولاية البيت لقصي فرفضت خزاعة فهاجت الحرب بينها وبينه.
ويذكر أيضا أن حليل لما كبر وضعف اعطى أبا غبشان المفاتيح وهو من خزاعة فابتاعها منه قصي بزق خمر. وصارت ولاية البيت له. (راجع الطبري - ابن هشام - الروض الأنف - ابن الأثير - الأزرقي).
(٢) صوفة وهم الغوث وولده وسمي صوفة لان أمه حين جعلته ربيطا في الكعبة علقت برأسه صوفة; وقيل ألبسته ثوبا من الصوف.
ويقال: إن من ولي من البيت شيئا من غير أهله أو قام بخدمة في البيت يقال لهم صوفة وصوفان.

<<  <  ج: ص:  >  >>