مشاة. فعلم بذلك عيسى بن موسى فاشترى قبل الجمعة دار المختار بن أبي عبيدة من ورثته - وكانت ملاصقة للمسجد - وكان يأتي إليها من يوم الخميس، فإذا كان يوم الجمعة ركب حمارا إلى باب المسجد فنزل إلى هناك وشهد الصلاة مع الناس وأقام بالكلية بالكوفة بأهله، ثم ألح المهدي عليه في أن يخلع نفسه وتوعده إن لم يفعل، ووعده إن فعل فأجابه إلى ذلك فأعطاه أقطاعا عظيمة، وأعطاه من المال عشرة آلاف ألف، وقيل عشرين ألف ألف، وبايع المهدي لولديه من بعده موسى الهادي، ثم هارون الرشيد كما سيأتي.
وحج بالناس يزيد بن منصور خال المهدي، وكان نائبا على اليمن فولاه الموسم واستقدمه عليه شوقا إليه، وغالب نواب البلاد عزلهم المهدي، غير أن إفريقية مع يزيد بن حاتم، وعلى مصر محمد بن سليمان أبو ضمرة، وعلى خراسان أبو عون، وعلى السند بسطام بن عمرو، وعلى الأهواز وفارس عمارة بن حمزة، وعلى اليمن رجاء بن روح، وعلى اليمامة بشر بن المنذر، وعلى الجزيرة الفضل بن صالح، وعلى المدينة عبيد الله بن صفوان الجمحي، وعلى مكة والطائف إبراهيم بن يحيى، وعلى أحداث الكوفة إسحاق بن الصباح الكندي، وعلى خراجها ثابت بن موسى، وعلى قضائها شريك بن عبد الله النخعي، وعلى أحداث البصرة عمارة بن حمزة وعلى صلاتها عبد الملك بن أيوب بن ظبيان النميري، وعلى قضائها عبيد الله بن الحسن العنبري.
وفيها توفي عبد العزيز بن أبي رواد، وعكرمة بن عمار، ومالك بن مغول، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذيب المدني: نظير مالك بن أنس في الفقه، وربما أنكر على مالك أشياء ترك الاخذ فيها ببعض الأحاديث، كان يراها مالك من إجماع أهل المدينة وغير ذلك من المسائل.
[ثم دخلت سنة ستين ومائة]
فيها خرج رجل بخراسان على المهدي منكرا عليه أحواله وسيرته وما يتعاطاه، يقال له يوسف البرم، والتف عليه خلق كثير، وتفاقم الامر وعظم الخطب به، فتوجه إليه يزيد بن مزيد فلقيه فاقتتلا قتالا شديدا حتى تنازلا وتعانقا، فأسر يزيد بن مزيد يوسف هذا، وأسر جماعة من أصحابه فبعثهم إلى المهدي فأدخلوا عليه، وقد حملوا على جمال محولة وجوههم إلى ناحية أذناب الإبل، فأمر الخليفة هرثمة أن يقطع يدي يوسف ورجليه ثم تضرب عنقه وأعناق من معه وصلبهم على جسر دجلة الأكبر مما يلي عسكر المهدي وأطفأ الله ثائرتهم وكفى شرهم.
[البيعة لموسى الهادي]
ذكرنا أن المهدي ألح على عيسى بن موسى أن يخلع نفسه وهو مع كله ذلك يمتنع وهو مقيم بالكوفة، فبعث إليه المهدي أحد القواد الكبار وهو أبو هريرة محمد بن فروخ في ألف من أصحابه