للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مدة لم يسافر، ثُمَّ سَاقَتْهُ الْمَنِيَّةُ إِلَى الْيَمَنِ، فَمَاتَ بِهَا (١) فِي هَذِهِ السَّنَةِ.

وَقَدْ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمَشَايِخِ (٢) .

وَفِيهَا فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ تُوُفِّيَ بِدِمَشْقَ الشِّهَابُ عَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ نَجْمِ النيلي أَخُو الْبَهَاءِ وَالنَّاصِحِ، وَكَانَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا بَصِيرًا بِالْمُحَاكَمَاتِ، وَهُوَ الَّذِي أَخْرَجَ مَسْجِدَ الْوَزِيرِ مِنْ يد الشيخ علم الدين السخاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ.

ثُمَّ دَخَلَتْ سنة عشرين وستمائة فِيهَا عَادَ الْأَشْرَفُ مُوسَى بْنُ الْعَادِلِ مِنْ عند أخيه الكامل صاحب مصر.

فَتَلَقَّاهُ أَخُوهُ الْمُعَظَّمُ وَقَدْ فَهِمَ أَنَّهُمَا تَمَالَآ عَلَيْهِ، فَبَاتَ لَيْلَةً بِدِمَشْقَ وَسَارَ مِنْ آخِرِ اللَّيل وَلَمْ يَشْعُرْ أَخُوهُ بِذَلِكَ، فَسَارَ إِلَى بلاده فوجد أخاه الشهاب غازي الذي استنابه على خلاط وميا فارقين وقد قووا رأسه وكاتبه المعظم صاحب إِرْبِلَ وَحَسَّنُوا لَهُ مُخَالَفَةَ الْأَشْرَفِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ الْأَشْرَفُ يَنْهَاهُ عَنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَقْبَلْ، فَجَمَعَ لَهُ الْعَسَاكِرَ لِيُقَاتِلَهُ.

وَفِيهَا سَارَ أَقْسِيسُ الْمَلِكُ مسعود صاحب اليمن ابن الْكَامِلِ مِنَ الْيَمَنِ إِلَى مَكَّةَ شَرَّفَهَا اللَّهُ تَعَالَى فَقَاتَلَهُ ابْنُ قَتَادَةَ بِبَطْنِ مَكَّةَ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ، فَهَزَمَهُ أَقْسِيسُ وَشَرَّدَهُ، وَاسْتَقَلَّ بِمُلْكِ مَكَّةَ مَعَ الْيَمَنِ، وَجَرَتْ أُمُورٌ فَظِيعَةٌ وَتَشَرَّدَ حَسَنُ بْنُ قَتَادَةَ قَاتِلُ أَبِيهِ وَعَمِّهِ وَأَخِيهِ في تلك الشعاب والاودية.

وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ الشَّيْخُ الْإِمَامِ: مُوَفَّقِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ ابن محمد بن قدامة بن مقدام بن نصر.

شيخ الإسلام.

مصنف المغني في المذهب، أَبُو

مُحَمَّدٍ الْمَقْدِسِيُّ إِمَامٌ عَالِمٌ بَارِعٌ.

لَمْ يَكُنْ فِي عَصْرِهِ، بَلْ وَلَا قَبْلَ دَهْرِهِ بِمُدَّةٍ أَفْقَهُ مِنْهُ، وُلِدَ بْجَمَّاعِيلَ فِي شَعْبَانَ سَنَةَ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدِمَ مَعَ أَهْلِهِ إِلَى دِمَشْقَ فِي سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ، وَقَرَأَ الْقُرْآنَ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ، وَرَحَلَ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْعِرَاقِ إِحْدَاهُمَا فِي سَنَةِ إِحْدَى وَسِتِّينَ مَعَ ابن عمه الْحَافِظِ عَبْدِ الْغَنِيِّ، وَالْأُخْرَى سَنَةَ سَبْعٍ وَسِتِّينَ، وَحَجَّ فِي سَنَةِ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَبَرَعَ وَأَفْتَى وَنَاظَرَ وَتَبَحَّرَ فِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ، مَعَ زُهْدٍ وَعِبَادَةٍ وورع وتواضع


(١) قال في تذكرة الحفاظ ص ١٣٨٣: توفي بالمهجم - من اليمن - في المحرم.
وقال ابن مسدي: أدركه الاجل بالمهجم في ربيع الآخر.
وفي غاية النهاية ٢ / ٣٣٨: مات في المحرم وله ٨٣ سنة.
(٢) ومنهم: مسعود بن عبد الواحد الشيباني، وأبو الكرم الشهرزوري، وأبو بكر الزاغوني، وأحمد بن علي بن السمين، وسعد الله بن الدجاجي وعلي بن أحمد الأزدي وغيرهم (غاية النهاية ٢ / ٣٣٨) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>