للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آل الامر فيها إلى أن انهزم خاقان، وتبعهم المسلمون، فقتلوا منهم مقتلة عظيمة، قتل فيها خلق كثير لا يحصون. وحج بالناس في هذه السنة عبد الواحد بن عبد الله النضري أمير الحرمين والطائف، وعلى نيابة العراق وخراسان عمر، ونائبه على خراسان مسلم بن سعيد يومئذ. وفي هذه السنة ولد السفاح وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الملقب بالسفاح، أول خلفاء بني العباس وقد بايع أباه في الباطن جماعة من أهل العراق. وفيها توفي من الأعيان: خالد بن سعدان الكلاعي

له روايات عن جماعة من الصحابة، وكان تابعيا جليلا، وكان من العلماء وأئمة الدين المعدودين المشهورين، وكان يسبح كل يوم أربعين ألف تسبيحة وهو صائم، وكان إمام أهل حمص، وكان يصلي التراويح في شهر رمضان، فكان يقرأ فيها في كل ليلة ثلث القرآن، وروى الجوزجاني عنه أنه قال: من اجترأ على الملاوم في مراد الحق، قلب الله تلك المحامد عليه ذما. وروى ابن أبي الدنيا عنه قال: ما من عبد إلا وله أربعة أعين. عينان في وجهه يبصر بهما أمر دنياه، وعينان في قلبه يبصر بهما أمر آخرته، فإذا أراد الله بالعبد خيرا فتح عينيه اللتين في قلبه فأبصر بهما أمر آخرته وهما غيب، فأمن الغيب بالغيب، وإذا أراد الله بالعبد خلاف ذلك ترك العبد القلب على ما هو عليه، فتراه ينظر فلا ينتفع، فإذا نظر بقلبه نفع، وقال: بصر القلب من الآخرة، وبصر العينين من الدنيا وله فضائل كثيرة رحمه الله تعالى.

[عامر بن سعد بن أبي وقاص الليثي]

له روايات كثيرة عن أبيه وغيره، وهو تابعي جليل، ثقة مشهور.

[عامر بن شراحيل الشعبي]

توفي فيها في قول: كان الشعبي من شعب همدان، كنيته أبو عمرو، وكان علامة أهل الكوفة، كان إماما حافظا، ذا فنون، وقد أدرك خلقا من الصحابة (١) وروى عنهم وعن جماعة من التابعين، وعنه أيضا روى جماعة من التابعين، قال أبو مجلز: ما رأيت أفقه من الشعبي. وقال مكحول: ما رأيت أحدا أعلم بسنة ماضية منه. وقال داود الأودي: قال لي الشعبي: قم معي ها هنا حتى أفيدك علما، بل هو رأس العلم. قلت: أي شئ تفيدني؟ قال: إذا سئلت عما لا تعلم فقل: الله أعلم، فإنه عالم حسن. وقال: لو أن رجلا سافر من أقصى اليمن لحفظ كلمة تنفعه فيما يستقبل من عمره ما رأيت سفره ضائعا، ولو سافر في طلب الدنيا أو الشهوات إلى خارج هذا المسجد، لرأيت سفره عقوبة وضياعا وقال: العلم أكثر من عدد الشعر، فخذ من كل شئ أحسنه.


(١) عن منصور بن عبد الرحمن سمعت الشعبي يقول: أدركت خمسمائة من أصحاب رسول الله وقال إبراهيم الحربي: لقي الشعبي أربعة وثلاثين رجلا من الصحابة - صفوة الصفوة ٣/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>