للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرحبيل عن عويم بن ساعدة أنه حدثه أن رسول الله أتاهم في مسجد قباء فقال: " إن الله قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به؟ " قالوا: والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا (١). وأخرجه ابن خزيمة في صحيحه وله شواهد أخر. وروى عن خزيمة بن ثابت ومحمد بن عبد الله بن سلام وابن عباس. وقد روى أبو داود والترمذي وابن ماجة من حديث يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي هريرة عن النبي : قال: نزلت هذه الآية في أهل قباء (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين). قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية. ثم قال الترمذي غريب من هذا الوجه.

قلت: ويونس بن الحارث هذا ضعيف والله أعلم. وممن قال بأنه المسجد الذي أسس على التقوى ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير. ورواه علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وحكى عن الشعبي والحسن البصري وقتادة وسعيد بن جبير وعطية العوفي وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم. وقد كان النبي يزوره فيما بعد ويصلي فيه، وكان يأتي قباء كل سبت تارة راكبا وتارة ماشيا وفي الحديث: " صلاة في مسجد قباء كعمرة " وقد ورد في حديث أن جبرائيل هو الذي أشار للنبي إلى موضع قبلة مسجد قباء، فكان هذا المسجد أو مسجد بني في الاسلام بالمدينة، بل أول مسجد جعل لعموم الناس في هذه الملة. واحترزنا بهذا عن المسجد الذي بناه الصديق بمكة عند باب داره يتعبد فيه ويصلي لان ذاك كان لخاصة نفسه لم يكن للناس عامة والله أعلم. وقد تقدم اسلام سلمان في البشارات، [و] أن سلمان الفارسي لما سمع بقدوم رسول الله إلى المدينة ذهب إليه وأخذ معه شيئا فوضعه بين يديه وهو بقباء قال هذا صدقة فكف رسول الله فلم يأكله وأمر أصحابه فأكلوا منه، ثم جاء مرة أخرى ومعه شئ فوضعه وقال هذه هدية فأكل منه وأمر أصحابه فأكلوا. تقدم الحديث بطوله.

فصل

في إسلام عبد الله بن سلام

قال الإمام أحمد: حدثنا محمد بن جعفر، ثنا عوف، عن زرارة، عن عبد الله بن سلام. قال: لما قدم رسول الله المدينة انجفل الناس، فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت أنه ليس بوجه كذاب. فكان أول شئ سمعته يقول: " [يا أيها الناس] (٢) أفشوا السلام وأطعموا


(١) مسند أحمد ج ٣/ ٤٢٢.
(٢) من دلائل البيهقي

<<  <  ج: ص:  >  >>