للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نخل بين لابتين " فهاجر من هاجر قبل الْمَدِينَةِ، وَرَجَعَ عَامَّةُ مَنْ كَانَ هَاجَرَ إِلَى الحبشة إلى المدينة.

وفيه عَنْ أَبِي مُوسَى وَأَسْمَاءَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تقدَّم حَدِيثُ أَبِي مُوسَى وَهُوَ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَسَيَأْتِي حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ بَعْدَ فَتْحِ خَيْبَرَ حِينَ قَدِمَ مَنْ كَانَ تَأَخَّرَ مِنْ مُهَاجِرَةِ الْحَبَشَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَبِهِ الثِّقَةُ.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، حدَّثنا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ.

قَالَ: كنَّا نسلِّم عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي فَيَرُدُّ عَلَيْنَا، فلمَّا رَجَعْنَا مِنْ عِنْدِ النَّجَاشِيِّ سَلَّمْنَا عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْنَا، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نُسَلِّمُ عَلَيْكَ فترد علينا، فلمَّا رجعنا من عند النجاشي لم ترد عَلَيْنَا؟ " قَالَ إِنَّ فِي الصَّلَاةِ شُغُلًا " وَقَدْ روى الْبُخَارِيُّ أَيْضًا وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ أُخَرَ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ عَنِ الْأَعْمَشِ بِهِ، وَهُوَ يُقَوِّي تَأْوِيلَ مَنْ تَأَوَّلَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ الثَّابِتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَ قَوْلُهُ: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: ٢٣٨] فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنِ الْكَلَامِ.

عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ جِنْسُ الصَّحَابَةِ، فَإِنَّ زَيْدًا أَنْصَارِيٌّ مَدَنِيٌّ، وَتَحْرِيمُ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ ثَبَتَ بِمَكَّةَ، فَتَعَيَّنَ الْحَمْلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَأَمَّا ذِكْرُهُ الْآيَةَ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ فَمُشْكِلٌ وَلَعَلَّهُ اعْتَقَدَ أَنَّهَا الْمُحَرِّمَةُ لِذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانَ الْمُحَرِّمُ لَهُ غَيْرَهَا مَعَهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابن إسحاق: وكان ممن دخل منهم بجوار (١) ، [فيمن سمي لنا] (٢) عُثْمَانَ بْنُ مَظْعُونٍ فِي جِوَارِ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الْأَسَدِ فِي جِوَارِ خَالِهِ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّ أُمَّهُ (٣) بَرَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.

فَأَمَّا عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ فَإِنَّ صَالِحَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ حَدَّثَنِي عمَّن

حدَّثه عَنْ عُثْمَانَ.

قَالَ: لَمَّا رَأَى عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَا فِيهِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ، وَهُوَ يَرُوحُ وَيَغْدُو فِي أَمَانٍ مِنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَ وَاللَّهِ إن غدوي ورواحي فِي جِوَارِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الشِّرْكِ، وَأَصْحَابِي وَأَهْلُ دِينِي يَلْقَوْنَ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْأَذَى فِي اللَّهِ مَا لَا يُصِيبُنِي لَنَقْصٌ كَثِيرٌ (٤) فِي نَفْسِي، فَمَشَى إِلَى الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا عَبْدِ شَمْسٍ وَفَتْ ذِمَّتُكَ، وقد رددت إليك جوارك.

قال [له] لِمَ يا ابن أَخِي؟ لَعَلَّهُ آذَاكَ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِي، قَالَ: لا، ولكني أرضى بجوار الله عزوجل، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أَسْتَجِيرَ بِغَيْرِهِ.

قَالَ: فَانْطَلِقْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَارْدُدْ عَلَيَّ جِوَارِي عَلَانِيَةً كَمَا جرتك عَلَانِيَةً.

قَالَ: فَانْطَلَقَا فَخَرَجَا حَتَّى أَتَيَا الْمَسْجِدَ، فَقَالَ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ: هَذَا عُثْمَانُ قَدْ


= لابتان: أي الحرتان، وهي الارض فيها حجارة سود كأنها احترقت بالنار.
والحديث أخرجه البخاري من حديث عُقَيْلٍ عَنِ الزُّهري عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ في ٣٩ كتاب الكفالة (٤) باب فتح الباري ٤ / ٤٧٥ - ٤٧٦.
(١) في الاصل: وكان ممن دخل معهم بجوار، وهو تحريف.
وأثبتنا ما في سيرة ابن هشام.
(٢) ما بين معكوفتين سقط من الاصل واستدرك من ابن هشام.
(٣) في ابن هشام: وأم أبي سلمة برة بنت عبد المطلب.
(٤) في سيرة ابن هشام: كبير بدل كثير.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>