للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دينهم، قال: فتحول فوقع في رأس سوطي. قال: فجعل الحاضرون يتراؤون ذلك النور في رأس سوطي كالقنديل المعلق، وأنا أتهبط عليهم من الثنية، حتى جئتهم فأصبحت فيهم، فلما نزلت أتاني أبي - وكان شيخا كبيرا - فقلت: إليك عني - يا أبة فلست منك ولست مني، قال ولم يا بني؟ قال: قلت: أسلمت وتابعت دين محمد . قال: أي بني فدينك ديني. فقلت: فاذهب فاغتسل وطهر ثيابك، ثم أئتني حتى أعلمك ما علمت. قال فذهب فاغتسل وطهر ثيابه، ثم جاء فعرضت عليه الاسلام فأسلم. قال ثم أتتني صاحبتي، فقلت: إليك عني، فلست منك ولست مني. قالت: ولم؟ بأبي أنت وأمي. قال قلت [قد] فرق بيني وبينك الاسلام، وتابعت دين محمد . قالت فديني دينك. قال: فقلت فاذهبي إلى حمى ذي الشرى فتطهري منه، وكان ذو الشرى صنما لدوس وكان الحمى حمى حموه حوله به وشل من ماء يهبط من جبل. قالت: بأبي أنت وأمي أتخشى على الصبية من ذي الشرى شيئا؟ قلت: لا، أنا ضامن لذلك. قال: فذهبت فاغتسلت ثم جاءت فعرضت عليها الاسلام فأسلمت، ثم دعوت دوسا إلى الاسلام فأبطأوا علي، ثم جئت رسول الله بمكة. فقلت [له]: يا رسول الله إنه قد غلبني على دوس (١) الزنا فادع الله عليهم. قال: " اللهم أهد دوسا، ارجع إلى قومك فادعهم وارفق بهم ". قال: فلم أزل بأرض دوس أدعوهم إلى الاسلام حتى هاجر رسول الله إلى المدينة ومضى بدر وأحد والخندق، ثم قدمت على رسول الله بمن أسلم معي من قومي ورسول الله بخيبر حتى نزلت المدينة بسبعين - أو ثمانين بيتا - من دوس فلحقنا برسول الله بخيبر فأسهم لنا مع المسلمين. ثم لم أزل مع رسول الله حتى فتح الله عليه مكة. فقلت: يا رسول الله ابعثني إلى ذي الكفين، صنم عمرو بن حممة حتى أحرقه. قال ابن إسحاق: فخرج إليه فجعل الطفيل وهو يوقد عليه النار يقول:

يا ذا الكفين لست من عبادكا … ميلادنا أقدم من ميلادكا

إني حشوت النار في فؤادكا (٢)

قال ثم رجع [إلى] رسول الله فكان معه بالمدينة حتى قبض رسول الله فلما ارتدت العرب خرج الطفيل مع المسلمين فسار معهم حتى فرغوا من طليحة ومن أرض نجد كلها، ثم سار مع المسلمين إلى اليمامة ومعه ابنه عمرو بن الطفيل، فرأى رؤيا وهو متوجه إلى اليمامة فقال


(١) دوس: بطن من شنوءة من الأزد القحطانية وهم بنو دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن خالد بن نصر. منهم أبو هريرة صاحب رسول الله واسمه عمير بن عامر. (نهاية الإرب للقلقشندي ٢٣٥).
(٢) في مغازي الواقدي ٢/ ٨٧٠: أنا حششت النار في فؤادكا.

<<  <  ج: ص:  >  >>