فيها وردت الكتب الكثيرة من الملك طغرلبك يشكو من قلة إنصاف الخليفة، وعدم موافقته له، ويذكر ما أسداه إليه من الخير والنعم إلى ملوك الأطراف، وقاضي القضاة الدامغاثي، فلما رأى الخليفة ذلك، وأن الملك أرسل إلى نوابه بالاحتياط على أموال الخليفة، كتب إلى الملك يجيبه إلى ما سأل، فلما وصل ذلك إلى الملك فرح فرحا شديدا، وأرسل إلى نوابه أن يطلقوا أملاك الخليفة، واتفقت الكلمة بعد أن كادت تتفرق، فوكل الخليفة في العقد. فوقع العقد بمدينة تبريز بحضرة الملك طغرلبك، وعمل سماطا عظيما، فلما جئ بالوكلة قام لها الملك وقبل الأرض عند رؤيتها، ودعا للخليفة دعاء كثيرا، ثم أوجب العقد على صداق أربعمائة ألف دينار، وذلك في يوم الخميس الثالث عشر من شعبان من هذه السنة، ثم بعث ابنة أخيه الخاتون زوجة الخليفة في شوال بتحف كثيرة، وجوهر وذهب كثير، وجواهر عديدة ثمينة، وهدايا عظيمة لام العروس وأهلها، وقال الملك جهرة للناس: أنا عبد الخليفة ما بقيت، لا أملك شيئا سوى ما علي من الثياب. وفيها عزل الخليفة وزير واستوزر أبا نصر محمد بن محمد بن جهير (١)، استقدمه من ميافارقين. وفيها عم الرخص جميع الأرض حتى بيع بالبصرة كل ألف رطل تمر بثمان قراريط، ولم يحج فيها أحد.
وممن توفي فيها من الأعيان …
[ثمال بن صالح]
معز الدولة، صاحب حلب، كان حليما كريما وقورا. ذكر ابن الجوزي أن الفراش تقدم إليه ليغسل يده فصدمت بلبلة الإبريق ثنيته فسقطت في الطست، فعفا عنه.
[الحسن بن علي بن محمد]
أبو محمد الجوهري، ولد في شعبان سنة ثلاث وستين، وسمع الحديث على جماعة، وتفرد بمشايخ كثيرين، منهم أبو بكر بن مالك القطيعي، وهو آخر من حدث عنه، توفي في ذي القعدة منها.
(١) من الفخري ص ٢٩٣ والكامل لابن الأثير ١٠/ ٢٣ وتاريخ أبي الفداء ٢/ ١٨١. قال الفخري: وهو فخر الدولة كان من عقلاء الرجال ودهاتهم، كان في ابتداء أمره فقيرا وترامت به الأسباب فأثرى ثروة ضخمة … حتى استوزره القائم وخلع عليه خلع الوزارة.