للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فصل [في] وفاة أبي طالب عم رسول الله ]

ثم من بعده خديجة بنت خويلد زوجة رسول الله . وقيل بل هي توفيت قبله والمشهور الأول. وهذان المشفقان، هذا في الظاهر وهذه في الباطن، هذاك كافر وهذه مؤمنة صديقة وأرضاها.

قال ابن إسحاق: ثم إن خديجة وأبا طالب هلكا في عام واحد، فتتابعت على رسول الله المصائب بهلك خديجة، وكانت له وزير صدق على الابتلاء (١) يسكن إليها، وبهلك عمه أبي طالب، وكان له عضدا وحرزا في أمره، ومنعة وناصرا على قومه. وذلك قبل مهاجره إلى المدينة بثلاث سنين، فلما هلك أبو طالب، نالت قريش من رسول الله من الأذى ما لم تكن تطمع به في حياة أبي طالب حتى اعترضه سفيه من سفهاء قريش، فنثر على رأسه ترابا. فحدثني هشام بن عروة عن أبيه. قال: فدخل رسول الله بيته والتراب على رأسه فقامت إليه إحدى بناته تغسله وتبكي، ورسول الله يقول: " لا تبكي يا بنية فإن الله مانع أباك " ويقول بين ذلك: " ما نالت مني (٢) قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ".

وذكر ابن إسحاق قبل ذلك: أن أحدهم ربما طرح الأذى في برمته إذا نصبت له. قال فكان إذا فعلوا ذلك كما حدثني عمر بن عبد الله عن عروة يخرج بذلك الشئ على العود فيقذفه على بابه ثم يقول: يا بني عبد مناف أي جوار هذا؟ ثم يلقيه في الطريق.

قال ابن إسحاق: ولما اشتكى أبو طالب وبلغ قريشا ثقله قالت قريش بعضها لبعض: إن حمزة وعمر قد أسلما، وقد فشا أمر محمد في قبائل قريش كلها، فانطلقوا بنا إلى أبي طالب فليأخذ لنا على ابن أخيه وليعطه منا، فإنا والله ما نأمن أن يبتزونا أمرنا (٣). قال ابن إسحاق: وحدثني العباس بن عبد الله بن معبد [بن عباس] عن بعض أهله عن ابن عباس قال: لما مشوا إلى أبي طالب وكلموه - وهم أشراف قومه عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، وأبو جهل بن هشام، وأمية بن خلف، وأبو سفيان بن حرب، في رجال من أشرافهم .. فقالوا: يا أبا طالب إنك منا حيث قد علمت، وقد حضرك ما ترى وتخوفنا عليك، وقد علمت الذي بيننا وبين ابن أخيك، فادعه فخذ لنا منه، وخذ له منا ليكف عنا ولنكف عنه، وليدعنا وديننا ولندعه ودينه.


(١) في ابن هشام: على الاسلام يشكو إليها.
(٢) من ابن هشام ٢/ ٥٨: وفي الأصل: ما نالتني.
(٣) أي يغلبونا عليه ويسلبونا إياه.

<<  <  ج: ص:  >  >>