للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مروره صلى الله عليه وآله بوادي القرى ومحاصرة اليهود ومصالحتهم]

قال الواقدي: حدثني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: خرجنا مع رسول الله من خيبر إلى وادي القرى وكان رفاعة بن زيد بن وهب الجذامي قد وهب لرسول الله عبدا أسود يقال له مدعم، وكان يرحل لرسول الله ، فلما نزلنا بوادي القرى انتهينا إلى يهود وقدم إليها ناس من العرب، فبينا مدعم يحط رحل رسول الله وقد استقبلتنا يهود بالرمي حين نزلنا ولم نكن على تعبية. وهم يصيحون في آطامهم فيقبل سهم عاثر فأصاب مدعما فقتله، فقال الناس هنيئا له بالجنة. فقال النبي " كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا " فلما سمع بذلك الناس جاء رجل إلى رسول الله بشراك أو شراكين. فقال النبي : " شراك من نار أو شراكان من نار " (١). وهذا الحديث في الصحيحين من حديث مالك عن ثور بن يزيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة عن النبي بنحوه.

قال الوادي: فعبى رسول الله أصحابه للقتال وصفهم ودفع لواءه إلى سعد بن عبادة، وراية إلى الحباب بن المنذر، وراية إلى سهل بن حنيف، وراية إلى عباد بن بشر، ثم دعاهم إلى الاسلام وأخبرهم إن أسلموا أحرزوا أموالهم وحقنوا دماءهم وحسابهم على الله، قال: فبرز رجل منهم فبرز إليه الزبير بن العوام فقتله، ثم برز آخر فبرز إليه علي فقتله، حتى قتل منهم أحد عشر رجلا كل ما قتل منهم رجلا دعي من بقي منهم إلى الاسلام، ولقد كانت الصلاة تحضر ذلك اليوم فيصلي بأصحابه ثم يعود فيدعوهم إلى الاسلام وإلى الله ﷿ ورسوله، وقاتلهم حتى أمسى وغدا عليهم فلم ترتفع الشمس قيد رمح حتى أعطوا بأيديهم، وفتحها عنوة وغنمهم (٢) الله أموالهم وأصابوا أثاثا ومتاعا كثيرا. وأقام رسول الله بوادي القرى أربعة أيام، فقسم ما أصاب على أصحابه، وترك الأرض والنخيل في أيدي اليهود وعاملهم عليها، فلما بلغ يهود تيماء (٣) ما وطئ به رسول الله خيبر وفدك ووادي القرى، صالحوا رسول الله على الجزية، وأقاموا بأيديهم أموالهم، فلما كان عمر أخرج يهود خيبر وفدك ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى لأنهما داخلتان في أرض الشام، ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز، ومن وراء ذلك من الشام، قال ثم انصرف رسول الله راجعا إلى المدينة بعد أن فرغ من خيبر ووادي


(١) مغازي الواقدي ٢/ ٧١٠.
(٢) في المغازي: وغنمه.
(٣) تيماء: على ثماني مراحل من المدينة بينها وبين الشام (وفاء الوفاة ج ٢/ ٢٧٢)

<<  <  ج: ص:  >  >>