للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رق له وأذن له وقبل إسلامهما فأسلما إسلاما حسنا، بعد ما كان أبو سفيان يؤذي رسول الله أذى كثيرا، وشهد حنينا، وكان ممن ثبت يومئذ .

وأما حارثة بن النعمان الأنصاري النجاري

فشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد، وكان من فضلاء الصحابة، وروى أنه رأى جبريل مع رسول الله بالمقاعد يتحدثان بعد خيبر، وأنه رآه يوم بني قريظة في صورة دحية. وفي الصحيح أن رسول الله سمع قراءته في الجنة. قال محمد بن سعد: حدثنا عبد الرحمن بن يونس ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك ثنا محمد بن عثمان عن أبيه أن حارثة بن النعمان كان قد كف بصره فجعل خيطا من مصلاه إلى باب حجرته، فإذا جاءه المسكين أخذ من ذلك التمر ثم أخذ يمسك بذلك الخيط حتى يضع ذلك في يد المسكين، وكان أهله يقولون له: نحن نكفيك ذلك، فيقول: سمعت رسول الله يقول: " مناولة المسكين تقي ميتة السوء ". وأما حجر بن عدي فقد تقدمت قصته مبسوطة.

وأما سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل القرشي

فهو أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وهو ابن عم عمر بن الخطاب، وأخته عاتكة زوجة عمر، وأخت عمر فاطمة زوجة سعيد، أسلم قبل عمر وزوجته فاطمة، وهاجرا، وكان من سادات الصحابة قال عروة والزهري وموسى بن عقبة ومحمد بن إسحاق والواقدي وغير واحد: لم يشهد بدرا لأنه قد كان بعثه رسول الله هو وطلحة بن عبيد الله بين يديه يتجسسان أخبار قريش فلم يرجعا حتى فرغ من بدر، فضرب لهما رسول الله بسهمهما وأجرهما، ولم يذكره عمر في أهل الشورى لئلا يحابى بسبب قرابته من عمر فيولى فتركه لذلك، وإلا فهو ممن شهد له رسول الله بالجنة في جملة العشرة، كما صحت بذلك الأحاديث المتعددة الصحيحة، ولم يتول بعده ولاية، وما زال كذلك حتى مات بالكوفة، وقيل بالمدينة وهو الأصح، قال الفلاس وغيره، سنة إحدى وخمسين وقيل سنة ثنتين وخمسين والله أعلم. وكان رجلا طوالا أشعر، وقد غسله سعد، وحمل من العقيق على رقاب الرجال إلى المدينة، وكان عمره يومئذ بضعا وسبعين سنة.

وأما عبد الله أنيس بن الجهني أبو يحيى المدني

فصحابي جليل شهد العقبة ولم يشهد بدرا. وشهد ما بعدها، وكان هو ومعاذ يكسران أصنام الأنصار، له في الصحيح حديث أن ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، وهو الذي بعثه رسول الله إلى خالد بن سفيان الهذلي فقتله بعرنة (١) وأعطاه رسول الله مخصره وقال: " هذه آية ما


(١) عرنة: بوزن همزة، واد بحذاء عرفات (معجم البلدان).

<<  <  ج: ص:  >  >>