للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القدس سنة ست عشرة (١) والله أعلم.

[ثم دخلت سنة سبع وستين]

ففيها كان مقتل عبيد الله بن زياد على يدي إبراهيم بن الأشتر النخعي، وذلك أن إبراهيم بن الأشتر خرج من الكوفة يوم السبت لثمان بقين من ذي الحجة في السنة الماضية، ثم استهلت هذه السنة وهو سائر لقصد ابن زياد في أرض الموصل، فكان اجتماعهما بمكان يقال له الخازر، بينه وبين الموصل خمسة فراسخ، فبات ابن الأشتر تلك الليلة ساهرا لا يستطيع النوم، فلما كان قريب الصبح نهض فعبى جيشه وكتب كتائبه، وصلى بأصحابه الفجر في أول وقت، ثم ركب فناهض جيش ابن زياد، وزحف بجيشه رويدا وهو ماش في الرجالة حتى أشرف من فوق تل على جيش ابن زياد، فإذا هم لم يتحرك منهم أحد، فلما رأوهم نهضوا إلى خيلهم وسلاحهم مدهوشين، فركب ابن الأشتر فرسه وجعل يقف على رايات القبائل فيحرضهم على قتال ابن زياد ويقول: هذا قاتل ابن بنت رسول الله ، قد جاءكم الله به وأمكنكم الله منه اليوم، فعليكم به فإنه قد فعل في ابن بنت رسول الله ما لم يفعله فرعون في بني إسرائيل هذا ابن زياد قاتل الحسين الذي حال بينه وبين ماء الفرات أن يشرب منه هو وأولاده ونساؤه، ومنعه أن ينصرف إلى بلده أو يأتي يزيد بن معاوية حتى قتله، ويحكم!! اشفوا صدوركم منه، وارووا رماحكم وسيوفكم من دمه، هذا الذي فعل في آل نبيكم ما فعل، قد جاءكم الله به، ثم أكثر من هذا القول وأمثاله، ثم نزل تحت رايته، وأقبل ابن زياد في خيله ورجله في جيش كثيف (٢) قد جعل على ميمنته حصين بن نمير وعلى الميسرة، عمير بن الحباب السلمي - وكان قد اجتمع بابن الأشتر ووعده أنه معه وأنه سينهزم بالناس غدا - وعلى خيل ابن زياد شرحبيل بن الكلاع (٣)، وابن زياد في الرجالة يمشي معهم. فما كان إلا أن تواقفا الفريقان حتى حمل حصين بن نمير بالميمنة على ميسرة أهل العراق فهزمها، وقتل أميرها علي بن مالك الجشمي فأخذ رايته من بعده ولده محمد (٤) بن علي فقتل أيضا، واستمرت الميسرة ذاهبة فجعل الأشتر يناديهم إلي يا شرطة الله، أنا ابن الأشتر، وقد كشف عن رأسه ليعرفوه، فالتاثوا به وانعطفوا عليه، واجتمعوا إليه، ثم حملت ميمنة أهل الكوفة


(١) في الأصل ستة عشر وهو خطأ.
(٢) في ابن الأعثم ٦/ ١٧٣: " في ثلاثة وثمانين ألفا، وإبراهيم يومئذ في أقل من عشرين ألفا.
(٣) كذا بالأصل والطبري ٧/ ١٤٣ وابن الأثير ٤/ ٢٦٢، وفي ابن الأعثم ٦/ ١٧٦: فعباهم عبيد الله بن زياد فجعل على ميمنته شرحبيل بن ذي الكلاع، وعلى ميسرته ربيعة بن مخارق الغنوي، وعلى جناح ميسرته عبد الله بن حملة الخثعمي، وفي القلب يومئذ الحصين بن نمير السكوني ". وقد تقدم أن ربيعة قتل في الموصل في لقائه مع يزيد بن أنس قائد جيوش المختار وذلك يوم عرفة سنة ٦٦ هـ. وفي مروج الذهب ٣/ ١١٦: أن عمير بن حباب السلمي كان على ميمنة ابن زياد.
(٤) في الطبري: قرة بن علي. (وانظر ابن الأثير ٤/ ٢٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>