للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) وثم حمي الوحي بعد هذا وتتابع - أي تدارك شيئا بعد شئ - وقام حينئذ رسول الله في الرسالة أتم القيام وشمر عن ساق العزم ودعا إلى الله القريب والبعيد، والأحرار والعبيد، فآمن به حينئذ كل لبيب نجيب سعيد، واستمر على مخالفته وعصيانه كل جبار عنيد، فكان أول من بادر إلى التصديق من الرجال الأحرار أبو بكر الصديق، ومن الغلمان علي بن أبي طالب، ومن النساء خديجة بنت خويلد زوجته ، ومن الموالي مولاه زيد بن حارثة الكلبي وأرضاهم (١). وتقدم الكلام على إيمان ورقة بن نوفل بما وجد من الوحي ومات في الفترة .

[فصل]

في منع الجان ومردة الشياطين من استراق السمع حين أنزل القرآن لئلا يختطف أحدهم منه ولو حرفا واحدا فيلقيه على لسان وليه فيلتبس الامر ويختلط الحق

فكان من رحمة الله وفضله ولطفه بخلقه أن حجبهم عن السماء كما قال الله تعالى إخبارا عنهم في قوله: (وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا. وإنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا، وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا) [الجن: ٨ - ١٠]. وقال تعالى: (وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون) [الشعراء: ٢١٠ - ٢١١]. قال الحافظ أبو نعيم: حدثنا سليمان بن أحمد - وهو الطبراني - حدثنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن أبي مريم، حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس. قال: كان الجن يصعدون إلى السماء يستمعون الوحي فإذا حفظوا الكلمة زادوا فيها تسعا فأما الكلمة فتكون حقا وأما ما زادوا فتكون باطلا، فلما بعث النبي منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمى بها قبل ذلك فقال لهم إبليس هذا لأمر قد حدث في الأرض، فبعث جنوده فوجدوا رسول الله قائما يصلي بين جبلين فأتوه فأخبروه فقال: هذا الامر الذي قد حدث في


(١) قال الطبري: اختلف السلف فيمن اتبع رسول الله وآمن به وصدقه. بعد زوجته خديجة، فقال بعضهم كان أول ذكر آمن برسول الله علي بن أبي طالب . ٢/ ٢١٠ ونقل عن الواقدي قال: اجتمع أصحابنا على أن أول أهل القبلة استجاب لرسول الله خديجة ثم اختلف عندنا في ثلاثة نفر في أبي بكر وعلي وزيد بن حارثة أيهم أسلم أول. ٢/ ٢١٥. وقال ابن إسحاق: أسلم علي وكتم إسلامه ولم يظهره قريبا من شهر وقال القرظي أول من أظهر الاسلام أبو بكر وكان علي يكتم إسلامه ..
(أنظر الطبري ٢/ ٢١٠ وما بعدها ودلائل سيرة ابن هشام ١/ ٢٦٢ - البيهقي ٢/ ١٦٠ وما بعدها).

<<  <  ج: ص:  >  >>