للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكثر من ألف فرسخ، وذكر أنه لم يكن له شئ ينفق عليه في بعض الأعيان، وأنه مكث ثلاثا لا يأكل شيئا حتى استقرض من بعض أصحابه نصف دينار، وقد أثنى عليه غير واحد من العلماء والفقهاء وكان يتحدى من حضر عنده من الحفاظ وغيرهم، ويقول: من أغرب علي بحديث واحد صحيح فله علي درهم أتصدق به. قال: ومرادي أسمع ما ليس عندي، فلم يأت أحد بشئ من ذلك، وكان في جملة من حضر ذلك أبو زرعة الرازي. وكانت وفاة ابن أبي حاتم في شعبان من هذه السنة محمد بن الحسن بن موسى بن الحسن أبو جعفر الكوفي الخراز المعروف بالجندي، له مسند كبير، روى عن عبيد الله بن موسى والقعنبي وأبي نعيم وغيرهم، وعنه ابن صاعد والمحاملي وابن السماك، كان ثقة صدوقا. محمد بن سعدان أبو جعفر الرازي، سمع من أكثر من خمسمائة شيخ، ولكن لم يحدث إلا باليسير، توفي في شعبان منها. قال ابن الجوزي: هم محمد بن سعدان البزار عن القعنبي وهو غير مشهور. ومحمد بن سعدان النحوي مشهور. توفي في سنة إحدى ومائتين. قال ابن الأثير في كامله: وفيها توفي يعقوب بن سفيان بن حران الامام الفسوي، وكان يتشيع. ويعقوب بن يوسف بن معقل الأموي مولاهم، والد أبي العباس أحمد بن الأصم. وفيها ماتت عريب المغنية المأمونية، قيل إنها ابنة جعفر بن يحيى البرمكي. فأما:

[يعقوب بن سفيان بن حران]

فهو أبو يوسف بن أبي معاوية الفارسي الفسوي، سمع الحديث الكثير، وروى عن أكثر من ألف شيخ من الثقات، منهم هشام بن عمار، ودحيم، وأبو المجاهر، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقيان، وسعيد بن منصور وأبو عاصم، ومكي بن إبراهيم، وسليمان بن حرب، ومحمد بن كثير وعبيد الله بن موسى والقعنبي. روى عنه النسائي في سننه وأبو بكر بن أبي داود والحسن بن سفيان وابن خراش وابن خزيمة وأبو عوانة الأسفراييني وغيرهم، وصنف كتاب التاريخ والمعرفة وغيره من الكتب المفيدة، وقد رحل في طلب الحديث إلى البلدان النائية، وتغرب عن وطنه نحو ثلاثين سنة وروى ابن عساكر عنه قال: كنت أكتب في الليل على ضوء السراج في زمن الرحلة فبينا أنا ذات ليلة إذ وقع شئ على بصري فلم أبصر معه السراج، فجعلت أبكي على ما فاتني من ذهاب بصري، وما يفوتني بسبب ذلك من كتابة الحديث، وما أنا فيه من الغربة، ثم غلبتني عيني فنمت فرأيت رسول الله فقال: مالك؟ فشكوت إليه ما أنا فيه من الغربة، وما فاتني من كتابة السنة. فقال: " أدن مني، فدنوت منه فجعل يده على عيني وجعل كأنه يقرأ شيئا من القرآن ". ثم استيقظت فأبصرت وجلست أسبح الله. وقد أثنى عليه أبو زرعة الدمشقي والحاكم أبو عبد الله النيسابوري، وقال: هو إمام أهل الحديث بفارس، وقدم نيسابور وسمع منه مشايخنا وقد نسبه بعضهم إلى التشيع. وذكر ابن عساكر أن يعقوب بن الليث صاحب فارس بلغه عنه أنه يتكلم في عثمان بن عفان فأمر بإحضاره فقال له وزيره: أيها الأمير إنه لا يتكلم في شيخنا عثمان بن عفان السجزي، إنما يتكلم في عثمان بن عفان الصحابي،

<<  <  ج: ص:  >  >>