للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرؤوف الذي] (١) لا تأخذه سنة ولا نوم، اذكرني بعملي وفعلي وحسن قضائي على بني إسرائيل وذلك كله كان منك فأنت أعلم به من نفسي سري وإعلاني لك " قال: فاستجاب الله له ورحمه، وأوحى الله إلى شعيا يبشره بأنه قد رحم بكاءه وقد أخر في أجله خمس عشر سنة وأنجاه من عدوه سنحاريب [وجنوده] فلما قال له ذلك ذهب منه الوجع وانقطع عنه الشر والحزن وخر ساجدا وقال في سجوده: " [يا إلهي وإله آبائي لك سجدت وسبحت وكرمت وعظمت]، اللهم أنت الذي تعطي الملك من تشاء وتنزعه ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء عالم الغيب والشهادة أنت الأول والآخر والظاهر والباطن وأنت ترحم وتستجيب دعوة المضطرين [أنت الذي أجبت دعوتي ورحمت تضرعي] " فلما رفع رأسه أوحى الله إلى شعيا أن يأمره أن يأخذ ماء التين فيجعله على قرحته فيشفى ويصبح قد برئ. ففعل ذلك فشفي وأرسل الله على جيش سنحاريب الموت (٢) فأصبحوا وقد هلكوا كلهم سوى سنحاريب وخمسة من أصحابه منهم بخت نصر فأرسل ملك بني إسرائيل فجاء بهم، فجعلهم في الأغلال، وطاف بهم في البلاد على وجه التنكيل بهم والإهانة لهم سبعين يوما ويطعم كل واحد منهم كل يوم رغيفين من شعير ثم أودعهم السجن، وأوحى الله تعالى إلى شعيا أن يأمر الملك بإرسالهم إلى بلادهم لينذروا قومهم ما قد حل بهم فلما رجعوا جمع سنحاريب قومه وأخربهم بما قد كان من أمرهم فقال له السحرة والكهنة: إنا أخبرناك عن شأن ربهم وأنبيائهم فلما تطعنا، وهي أمة لا يستطيعها أحد من ربهم فكان أمر سنحاريب مما خوفهم الله به. ثم مات سنحاريب بعد سبع سنين. قال ابن إسحاق ثم لما مات حزقيا ملك بني إسرائيل مرج أمرهم واختلطت أحداثهم وكثر شرهم فأوحى الله تعالى إلى شعيا فقام فيهم فوعظهم وذكرهم وأخبرهم عن الله بما هو أهله وأنذرهم بأسه وعقابه إن خالفوه وكذبوه. فلما فرغ من مقالته عدوا عليه وطلبوه ليقتلوه فهرب منهم فمر بشجرة فانفلقت له فدخل فيها وأدركه الشيطان فأخذ بهدبة ثوبه فأبرزها فلما رأو ذلك جاؤوا بالمنشار فوضعوه على الشجرة فنشروها ونشروه معها فإنا لله وإنا إليه راجعون (٣).

[ومنهم إرميا بن حلقيا من سبط لاوي بن يعقوب]

وقد قيل إنه الخضر. رواه الضحاك عن ابن عباس. وهو غريب وليس بصحيح (٤). قال


(١) من الطبري.
(٢) قال ابن قتيبة في المعارف ص ٢٣: سلط عليهم الطاعون فأصبحوا موتى.
(٣) نقل الخبر الطبري ج ١/ ٢٨٠.
ما ورد بين معكوفين في الرواية زيادة - اقتضاها السياق - من تاريخ الطبري.
(٤) ضعفه الطبري في نقله للخبر: واسم الخضر فيما كان وهب بن منبه يزعم عن بني إسرائيل أرميا بن حلقيا وكان من سبط هارون.

<<  <  ج: ص:  >  >>