للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَسْكَرِهِ الَّذِي يَمْلِكُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، فَضَرَبَ وَحَسَبَ وقال له: أجد رجلاً يملكها اسمه كتبغا فظنه كتبغا نوين، وهو صِهْرَ هُولَاكُو، فَقَدَّمَهُ عَلَى الْعَسَاكِرِ فَلَمْ يَكُنْ هُوَ، فَقُتِلَ فِي عَيْنِ جَالُوتَ كَمَا ذَكَرْنَا، وأن الذي ملك مصر هذا الرجل وهو مِنْ خِيَارِ الْأُمَرَاءِ وَأَجْوَدِهِمْ سِيرَةً وَمَعْدَلَةً، وَقَصْدًا فِي نُصْرَةِ الْإِسْلَامِ.

وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ رَكِبَ كَتْبُغَا فِي أُبَّهَةِ الْمُلْكِ، وَشَقَّ الْقَاهِرَةَ وَدَعَا لَهُ النَّاسُ وَعَزَلَ الصَّاحِبَ تَاجَ الدِّينِ بْنَ الْحِنَّا عَنِ الْوِزَارَةِ وَوَلَّى فَخْرَ الدِّينِ بْنَ الْخَلِيلِيِّ (١) ، وَاسْتَسْقَى النَّاسُ بِدِمَشْقَ عِنْدَ مَسْجِدِ الْقَدَمِ، وَخَطَبَ بِهِمْ تَاجُ الدِّينِ صالح الجعبري نيابة عن مستخلفه شَرَفِ

الدِّينِ الْمَقْدِسِيِّ، وَكَانَ مَرِيضًا فَعَزَلَ نَفْسَهُ عَنِ الْقَضَاءِ، وَخَطَبَ النَّاس بَعْدَ ذَلِكَ، وَذَلِكَ يَوْمَ الْأَرْبِعَاءِ خَامِسِ جُمَادَى الْأُولَى، فَلَمْ يُسْقَوْا ثُمَّ اسْتَسْقَوْا مَرَّةً أُخْرَى يَوْمَ السَّبْتِ سَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ بِالْمَكَانِ الْمَذْكُورِ، وَخَطَبَ بِهِمْ شَرَفُ الدين المقدسي، وكان الجمع أكثر من أول، فلم يسقوا.

وفي رجب حكم جمال الدِّينِ بْنُ الشَّرِيشِيِّ نِيَابَةً عَنِ الْقَاضِي بَدْرِ الدين بن جماعة، وفيه درس بالمعظمية لقاضي شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الْعِزِّ، انْتَزَعَهَا مِنْ عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ الدَّقَّاقِ.

وَفِيهِ وَلِيَ الْقُدْسَ وَالْخَلِيلَ للك الأوحد بن الْمَلِكِ النَّاصِرِ دَاوُدُ بْنُ الْمُعَظَّمِ.

وَفِي رَمَضَانَ رسم للحنابلة أن يصلوا قبل الإمام كبير وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُصَلُّونَ بَعْدَهُ فَلَمَّا أُحْدِثَ لمحراب الصحابة إمام كانوا يصلون جميعاً في وقت حد، فحصل تَشْوِيشٌ بِسَبَبِ ذَلِكَ، فَاسْتَقَرَّتِ الْقَاعِدَةُ عَلَى أَنْ يصلوا قبل الإمام الكبير، في ت صَلَاةِ مُشْهِدِ عَلَيٍّ بِالصَّحْنِ عِنْدَ مِحْرَابِهِمْ فِي الرُّوَاقِ الثَّالِثِ الْغَرْبِيِّ.

قُلْتُ: وَقَدْ تَغَيَّرَتْ هَذِهِ الْقَاعِدَةُ بَعْدَ الْعِشْرِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ كَمَا سَيَأْتِي وَفِي أَوَاخِرِ رَمَضَانَ قَدِمَ الْقَاضِي نَجْمُ الدِّينِ بْنُ صَصْرَى مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى قَضَاءِ الْعَسَاكِرِ بِالشَّامِ، وَفِي ظُهْرِ يَوْمِ الْخَمِيسِ خَامِسِ شَوَّالٍ صَلَّى الْقَاضِي بَدْرُ الدِّينِ بْنُ جَمَاعَةَ بِمِحْرَابِ لجامع إِمَامًا وَخَطِيبًا عِوَضًا عَنِ الْخَطِيبِ الْمُدَرِّسِ شَرَفِ الدين المقدسي، ثم خطب من الغد شكرت خطبته وقراءته، وذلك مضاف إلى ما بيده من القضاء وغيره.

وفي أوائل شَوَّالٍ قَدِمَتْ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ تَوَاقِيعُ شَتَّى مِنْهَا تَدْرِيسُ الْغَزَّالِيَّةِ لِابْنِ صَصْرَى عِوَضًا عَنِ الْخَطِيبِ الْمَقْدِسِيِّ، وَتَوْقِيعٌ بِتَدْرِيسِ الْأَمِينِيَّةِ لِإِمَامِ الدِّينِ الْقَزْوِينِيِّ عِوَضًا عَنْ نَجْمِ الدِّينِ بْنِ صَصْرَى، وَرُسِمَ لِأَخِيهِ جَلَالِ الدِّينِ بِتَدْرِيسِ الظَّاهِرِيَّةِ الْبَرَّانِيَّةِ عِوَضًا عَنْهُ.

وَفِي شَوَّالٍ كَمَلَتْ عِمَارَةُ الْحَمَّامِ الَّذِي أَنْشَاهُ عِزُّ الدِّينِ الْحَمَوِيُّ بِمَسْجِدِ الْقَصَبِ، وَهُوَ مِنْ أَحْسَنِ الْحَمَّامَاتِ، وَبَاشَرَ مَشْيَخَةَ دَارِ الْحَدِيثِ النُّورِيَّةِ الشَّيْخُ عَلَاءُ الدِّينِ بْنُ الْعَطَّارِ عوضاً عن شرف الدين المقدسي.

وحج


(١) وكان الخليلي ناظر الدواوين في الوزارة، وقد تم تنفيذ هذا الاجراء يوم الثلاثاء خامس عشرين جمادى الأولى (السلوك ١ / ٨٠٨) .
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>