للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فصل]

قال ابن إسحاق: ثم أنزل الله نصره على المسلمين، وصدقهم وعده، فحسوهم بالسيوف حتى كشفوهم عن العسكر، وكانت الهزيمة لا شك فيها. وحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه، عباد، عن عبد الله بن الزبير، عن الزبير قال: والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند بنت عتبة وصواحبها مشمرات هوارب، ما دون أخذهن قليل ولا كثير، إذ مالت الرماة على العسكر حين كشفنا القوم عنه، وخلوا ظهورنا للخيل، فأتينا من خلفنا، وصرخ صارخ: ألا إن محمدا قد قتل، فانكفأنا وانكفأ القوم علينا بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد منهم، [قال ابن إسحاق] (١) فحدثني بعض أهل العلم: أن اللواء لم يزل صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فرفعته لقريش فلاثوا به وكان اللواء مع صؤاب غلام لبني أبي طلحة حبشي وكان آخر (٢) من أخذه منهم فقاتل به حتى قطعت يداه ثم برك عليه فأخذ اللواء بصدره وعنقه حتى قتل عليه وهو يقول: اللهم هل أعزرت - يعني اللهم هل أعذرت - فقال حسان بن ثابت في ذلك:

فخرتم باللواء وشر فخر … لواء حين رد إلى صواب

جعلتم فخركم فيه لعبد … وألام من يطأ عفر التراب

ظننتم، والسفيه له ظنون … وما إن ذاك من أمر الصواب

بأن جلادنا يوم التقينا … بمكة بيعكم حمر العياب

أقر العين أن عصبت يداه … وما أن تعصبان على خضاب

وقال حسان أيضا في رفع عمرة بنت علقمة اللواء لهم:

إذا عضل سيقت إلينا كأنها … جداية شرك معلمات الحواجب (٣)

أقمنا لهم طعنا مبيرا منكلا … وحزناهم بالضرب من كل جانب

فلولا لواء الحارثية أصبحوا … يباعون في الأسواق بيع الجلائب


(١) من سيرة ابن هشام.
(٢) قال ابن سعد في الطبقات ٢/ ٤٠
حمل لواء المشركين طلحة بن أبي طلحة (من بني عبد الدار) وبعد ما قتله علي حمل اللواء عثمان بن أبي طلحة أبو شيبة قتله حمزة. فحمله أبو سعد بن أبي طلحة فقتله سعد بن أبي وقاص فحمله مسافع بن طلحة بن أبي طلحة - قتله عاصم بن أبي الأقلح - فحمله الحارث بن طلحة بن أبي طلحة قتله عاصم أيضا. فحمله كلاب بن طلحة بن أبي طلحة فقتله الزبير ثم حمله الجلاس أخوه فقتله طلحة بن عبيد الله، فحمله أرطأة بن شرحبيل فقتله علي. ثم حمله شريح بن قارظ فقتل ثم كان آخرهم صؤاب قتله قزمان وهو أثبت القول.
(٣) شرك: قال أبو ذر بكسر الشين وضمها: موضع. قيل: جبل بالحجاز.

<<  <  ج: ص:  >  >>