للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال ابن إسحاق: فانكشف المسلمون وأصاب منهم العدو، وكان يوم بلاء وتمحيص، أكرم الله فيه من أكرم بالشهادة حتى خلص العدو إلى رسول الله فذب بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص، فحدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك قال: كسرت رباعية النبي يوم أحد وشج في وجهه، فجعل يمسح الدم ويقول كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله فأنزل الله (ليس لك من الامر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) [آل عمران: ١٢٨] قال ابن جرير في تاريخه (١): حدثنا محمد بن الحسين، حدثنا أحمد بن الفضل، حدثنا أسباط عن السدي قال: أتى ابن قمئة الحارثي فرمى رسول الله بحجر فكسر أنفه ورباعيته وشجه في وجهه فأثقله وتفرق عنه أصحابه، ودخل بعضهم المدينة، وانطلق طائفة فوق الجبل إلى الصخرة وجعل رسول الله يدعو الناس: إلي عباد الله، إلي عباد الله فاجتمع إليه ثلاثون رجلا فجعلوا يسيرون بين يديه، فلم يقف أحد إلا طلحة وسهل بن حنيف فحماه طلحة فرمي بسهم في يده فيبست يده وأقبل أبي بن خلف الجمحي وقد حلف ليقتلن النبي فقال بل أنا أقتله. فقال: يا كذاب أين تفر؟ فحمل عليه فطعنه النبي في جيب الدرع فجرح جرحا خفيفا فوقع يخور خوار الثور فاحتملوه وقالوا ليس بك جراحة فما يجزعك؟ قال: أليس قال لأقتلنك لو كانت تجتمع (٢) ربيعة ومضر لقتلهم. فما يلبث إلا يوما أو بعض يوم حتى مات من ذلك الجرح، وفشا في الناس أن رسول الله قد قتل، فقال بعض أصحاب الصخرة ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا أمنة من أبي سفيان، يا قوم إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم، فقال أنس بن النضر يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء ثم شد بسيفه فقاتل حتى قتل، وانطلق رسول الله يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة فلما رأوه وضع رجل سهما في قوسه يرميه فقال: أنا رسول الله ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله وفرح رسول الله حين رأى أن في أصحابه من يمتنع به، فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله ذهب عنهم الحزن فأقبلوا يذكرون الفتح وما فاتهم منه ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا، فقال الله ﷿ في الذين قالوا إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى قومكم: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) الآية. فأقبل أبو سفيان حتى أشرف عليهم فلما نظروا إليه نسوا ذلك الذي كانوا عليه وهمهم أبو سفيان. فقال رسول الله " ليس لهم أن يعلونا، اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد في الأرض ". ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم فقال أبو سفيان يومئذ: أعل هبل حنظلة بحنظلة ويوم أحد بيوم بدر. وذكر تمام القصة. وهذا غريب جدا وفيه نكارة. قال


(١) تاريخ الطبري: ج ٣/ ٢٠ دار القاموس الحديث.
(٢) في الطبري: بجميع.

<<  <  ج: ص:  >  >>