للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورياسة في قومها، وقد شهدت يوم أحد مع زوجها وكان لها تحريض على قتل المسلمين يومئذ، ولما قتل حمزة مثلت به وأخذت من كبده فلاكتها فلم تستطع إساغتها، لأنه كان قد قتل أباها وأخاها يوم بدر، ثم بعد ذلك كله أسلمت وحسن إسلامها عام الفتح، بعد زوجها بليلة. ولما أرادت الذهاب إلى رسول الله لتبايعه استأذنت أبا سفيان فقال لها: قد كنت بالأمس مكذبة بهذا الامر، فقالت والله ما رأيت الله عبد حق عبادته بهذا المسجد قبل هذه الليلة، والله لقد باتوا ليلهم كلهم يصلون فيه. فقال لها: إنك قد فعلت ما فعلتك فلا تذهبي وحدك. فذهبت إلى عثمان بن عفان ويقال إلى أخيها أبي حذيفة بن عتبة فذهب معها، فدخلت وهي متنقبة، فلما بايعها رسول الله مع غيرها من النساء قال … (على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين) … فقالت: أو تزني الحرة؟ … (ولا تقتلن أولادكن) … قالت: قد ربيناهم صغارا وتقتلهم (١) كبارا؟! فتبسم رسول الله (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك) … فبادرت وقالت: في معروف. فقال: في معروف، وهذا من فصاحتها وحزمها، وقد قالت لرسول الله : والله يا محمد ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي من أن يذلوا من أهل خبائك، فقد والله أصبح اليوم وما على ظهر الأرض من أهل خباء أحب إلي من أن يعزوا من أهل خبائك. فقال: وكذلك والذي نفسي بيده. وشكت من شح أبي سفيان فأمرها أن تأخذ ما يكفيها ويكفي بنيها بالمعروف، وقصتها مع الفاكه بن المغيرة مشهورة، وقد شهدت اليرموك مع زوجها وماتت يوم مات أبو قحافة في سنة أربع عشرة (٢) وهي أم معاوية بن أبي سفيان.

[ثم دخلت سنة خمس عشرة]

قال ابن جرير: قال بعضهم فيها (٣) مصر سعد بن أبي وقاص الكوفة دلهم عليها ابن بقيلة قال لسعد: أدلك على أرض ارتفعت عن البق وانحدرت عن الفلاة؟ فدلهم على موضع الكوفة اليوم، قال: وفيها كانت وقعة مرج الروم، وذلك لما انصرف أبو عبيدة وخالد من وقعة فحل قاصدين إلى حمص حسب ما أمر به أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كما تقدم في رواية سيف بن عمر، فسارا حتى نزلا على ذي الكلاع، فبعث هرقل بطريقا يقال له توذرا في جيش معه فنزل بمرج دمشق وغربها، وقد هجم الشتاء فبدأ أبو عبيدة بمرج الروم، وجاء أمير آخر من الروم


(١) في الإصابة: وقتلتهم.
(٢) جزم ابن سعد انها ماتت في خلافة عثمان، وفي الإصابة: عن صاحب الأمثال انها بقيت إلى خلافة عثمان بل بعد ذلك.
(٣) قال الواقدي في سنة سبع عشرة. وقال أبو عبيدة: كان تكويف الكوفة سنة ثماني عشرة وفي الكوفة قال الأثرم: قيل التكوف الاجتماع، وقيل أيضا ان المواضع المستديرة من الرمل تسمى كوفاني، وبعضهم يسمي الأرض التي فيها الحصباء مع الطين والرمل: كوفة.

<<  <  ج: ص:  >  >>