للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَحَدَّثَنِي يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبِي رُهْمٍ السَّمَاعِيِّ حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ.

قَالَ: لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم فِي بَيْتِي نَزَلَ فِي السُّفْلِ، وَأَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ فِي الْعُلْوِ، فَقُلْتُ لَهُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَكْرَهُ وَأُعْظِمُ أَنْ أَكُونَ فَوْقَكَ وَتَكُونَ

تَحْتِي، فَاظْهَرْ أَنْتَ فَكُنْ فِي الْعُلْوِ وَنَنْزِلُ نَحْنُ فَنَكُونُ فِي السُّفْلِ، فَقَالَ: " يَا أَبَا أَيُّوبَ إِنَّ أَرْفَقَ بِنَا وَبِمَنْ يَغْشَانَا أَنْ أَكُونَ فِي سُفْلِ الْبَيْتِ " فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سُفْلِهِ وَكُنَّا فَوْقَهُ فِي الْمَسْكَنِ.

فَلَقَدِ انْكَسَرَ حُبٌّ (١) لَنَا فِيهِ مَاءٌ، فَقُمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ بِقَطِيفَةٍ لنا، مالنا لِحَافٌ غَيْرَهَا نَنْشُفُ بِهَا الْمَاءَ تَخَوُّفًا أَنْ يَقْطُرَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منه شئ فَيُؤْذِيَهُ، قَالَ وَكُنَّا نَصْنَعُ لَهُ الْعَشَاءَ ثُمَّ نَبْعَثُ إِلَيْهِ فَإِذَا ردَّ عَلَيْنَا فَضْلَةً تَيَمَّمْتُ أَنَا وَأُمُّ أَيُّوبَ مَوْضِعَ يَدِهِ فَأَكَلْنَا مِنْهُ نَبْتَغِي بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ، حَتَّى بَعَثْنَا إِلَيْهِ لَيْلَةً بِعَشَائِهِ وَقَدْ جَعَلْنَا لَهُ فِيهِ بَصَلًا - أَوْ ثُومًا - فردَّه رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ أَرَ لِيَدِهِ فِيهِ أَثَرًا، قَالَ فَجِئْتُهُ فَزِعًا فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي رَدَدْتَ عَشَاءَكَ وَلَمْ أَرَ فِيهِ مَوْضِعَ يَدِكَ؟ فَقَالَ: " إِنِّي وَجَدْتُ فِيهِ رِيحَ هَذِهِ الشَّجَرَةِ، وَأَنَا رَجُلٌ أُنَاجَى فَأَمَّا أَنْتُمْ فَكُلُوهُ " قَالَ فَأَكَلْنَاهُ وَلَمْ نَصْنَعْ لَهُ تِلْكَ الشَّجَرَةَ بَعْدُ (٢) .

وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَبِي الْحَسَنِ - أَوْ أَبِي الْخَيْرِ - مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ عَنْ أَبِي رُهْمٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ فَذَكَرَهُ.

وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبِ عَنِ اللَّيْثِ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَمْرٍو الْحِيرِيُّ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الدَّارِمِيُّ، ثَنَا أَبُو النُّعْمَانِ، ثَنَا ثَابِتُ بْنُ يَزِيدَ (٣) ثَنَا عَاصِمٌ الْأَحْوَلُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَفْلَحَ مَوْلَى أَبِي أَيُّوبَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم نَزَلَ عَلَيْهِ فَنَزَلَ فِي السُّفْلِ، وَأَبُو أَيُّوبَ فِي العلو فانتبه أبو أيوب فَقَالَ: نَمْشِي فَوْقَ رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَتَنَحَّوْا فَبَاتُوا فِي جَانِبٍ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يعني في ذَلِكَ - فَقَالَ [النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] : " السُّفْلُ أَرْفَقُ بِنَا " فَقَالَ لَا أَعْلُو سَقِيفَةً أَنْتَ تَحْتَهَا، فَتَحَوَّلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْعُلْوِ، وَأَبُو أَيُّوبَ فِي السُّفْلِ فَكَانَ يَصْنَعُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم طعاماً، فإذا جئ بِهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَلَمَّا ردَّ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ لَمْ يَأْكُلْ فَفَزِعَ وَصَعِدَ إِلَيْهِ فَقَالَ أَحَرَامٌ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ " قَالَ فَإِنِّي أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ - أَوْ مَا كَرِهْتَ - قَالَ وَكَانَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عليه وسلم يأتيه الملك (٤) .

رواه


(١) حب: الجرة الضخمة.
(٢) سيرة ابن هشام ج ٢ / ١٤٤.
والبيهقي في الدلائل ج ٢ / ٥١٠ وقال: رواه ابن إسحاق..غير أنه قال عن
أبي أمامة الباهلي عن أبي أيوب.
(٣) في البيهقي: بن زيد.
(٤) رواه البيهقي في الدلائل ج ٢ / ٥٠٩، ومسلم في ٣٦ كتاب الاشربة ٣١ باب إباحة أكل الثوم ح ١٧١.
وأخرجه التِّرمذي في كتاب الاطعمة ١٣ باب ح ١٨٠٧.
عن محمود بن غيلان وقال: حسن صحيح.
وأخرجه أحمد في مسنده ٤ / ٢٤٩، ٥ / ٩٤، ٩٦، ١٠٠ و ١٠٦.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>