للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْ أَنَسٍ قَالَ: رَأَى النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النِّسَاءَ وَالصِّبْيَانَ مُقْبِلِينَ - حَسِبْتُ أنَّه قَالَ مِنْ عُرْسٍ - فَقَامَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُمْثِلًا فَقَالَ: " اللَّهُمَّ أَنْتُمْ مِنْ أحب الناس إلي " قالها ثلاث مرات.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ صُهَيْبٍ ثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ.

قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَابٌّ لَا يُعْرَفُ (١) ، قَالَ فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هذا الرجل يهديني السبيل، فيحسب الحاسب إِنَّمَا يَهْدِيهِ الطَّرِيقَ، وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ.

فَالْتَفَتَ أَبُو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بِنَا، فَالْتَفَتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ " فَصَرَعَتْهُ فرسه ثم قامت تحمحم، ثم قال: مرني يا نبي الله بما شئت.

فقال: " قِفْ مَكَانَكَ وَلَا تَتْرُكْنَ أَحَدًا يَلْحَقُ بِنَا ".

قَالَ فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ.

قَالَ فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَانِبَ الْحَرَّةِ ثُمَّ بعث إلى الأنصار فجاؤوا فسلموا عليهما وقالوا اركبا آمنين مطاعين.

فَرَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم وَأَبُو بكر وحفوا حولهما بالسلاح، وقيل فِي الْمَدِينَةِ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَشْرَفُوا نَبِيَّ اللَّهِ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَقُولُونَ: جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ.

قَالَ فَأَقْبَلَ يَسِيرُ حَتَّى نَزَلَ إِلَى جَانِبِ دَارِ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ فَإِنَّهُ لَيُحَدِّثُ

أَهْلَهُ إِذْ سَمِعَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ وَهُوَ فِي نَخْلٍ لأهله يحترف (٢) لهم، فعجل أن يضع الذي يحترف فيها فجاء وهي معه، وسمع مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ، وَقَالَ نَبِيُّ اللَّهِ: أَيُّ بُيُوتِ أَهْلِنَا أَقْرَبُ؟ فَقَالَ أَبُو أَيُّوبَ أَنَا يَا نَبِيَّ اللَّهِ، هَذِهِ دَارِي وَهَذَا بَابِي قَالَ فَانْطَلِقْ فَهَيِّئْ لَنَا مَقِيلًا، فَذَهَبَ فَهَيَّأَ [لَهُمَا مَقِيلًا] (٣) ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا رَسُولَ الله قد هيأت مَقِيلًا قُومَا عَلَى بَرَكَةِ اللَّهِ فَقِيلَا، فَلَمَّا جَاءَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ فَقَالَ: أَشْهَدُ أنَّك نَبِيُّ اللَّهِ حَقًّا، وَأَنَّكَ جِئْتَ بِحَقٍّ وَلَقَدْ عَلِمَتْ يَهُودُ أَنِّي سَيِّدُهُمْ وَابْنُ سَيِّدِهِمْ، وأعلمهم وابن أعلمهم، فادعهم فسلهم (٤) ، فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " يَا مَعْشَرَ الْيَهُودِ وَيْلَكُمُ اتقوا الله فوالله الذي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إنَّكم لَتَعْلَمُونِ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا وَأَنِّي جِئْتُ بِحَقٍّ أَسْلِمُوا ".

فَقَالُوا: مَا نَعْلَمُهُ، ثَلَاثًا.

وَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ مُحَمَّدٍ (٥) غَيْرِ مَنْسُوبٍ عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ بِهِ.


(١) يريد هنا: دخول الشيب في لحيته دونه لا السن.
(٢) في دلائل البيهقي: يخترف، في الموضعين.
اخترف: جنى من الثمار.
(٣) زيادة من البيهقي.
(٤) زاد البيهقي في روايته للخبر: فَادْعُهُمْ فَسَلْهُمْ عَنِّي قَبْلَ أَنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ، فَإِنَّهُمْ إِنْ يَعْلَمُوا أَنِّي قَدْ أَسْلَمْتُ قَالُوا فيَّ مَا لَيْسَ فيَّ، فَأَرْسَلَ نبي الله صلى الله عليه وسلم إليهم.
الخ دلائل ج ٢ / ٥٢٧.
(٥) أخرجه البخاري في ٦٣ كتاب الانصار ٤٥ باب هجرة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة ح ٣٩١١ فتح الباري ج ٧ / ١٩٩.
قال ابن حجر في الفتح: محمد: هو ابن سلام، وقال أبو نعيم في المستخرج: أظنه أنَّه محمد بن المثنى أبو موسى.
ورواه البيهقي من طريق أَبُو مَعْمَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أبي الحجاج عن عبد الوارث.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>