للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابْنُ إِسْحَاقَ: لَمَّا بَرَكَتِ النَّاقَةُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنْزِلْ عَنْهَا حَتَّى وَثَبَتْ فَسَارَتْ غَيْرَ بَعِيدٍ وَرَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاضِعٌ لَهَا زِمَامَهَا لا يثنيها به، ثم التفتت [إلى] خَلْفَهَا فَرَجَعَتْ إِلَى مَبْرَكِهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَبَرَكَتْ فِيهِ، ثُمَّ تَحَلْحَلَتْ (١) وَرَزَمَتْ وَوَضَعَتْ جِرَانَهَا فَنَزَلَ عَنْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَاحْتَمَلَ أَبُو أَيُّوبَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ رَحْلَهُ فَوَضَعَهُ فِي بَيْتِهِ وَنَزَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَأَلَ عَنِ الْمِرْبَدِ لمن هو؟ فقال له معاذ بن عَفْرَاءَ هُوَ يَا رَسُولُ اللَّهِ لِسَهْلٍ وَسُهَيْلٍ ابْنَيْ عَمْرٍو وَهُمَا يَتِيمَانِ لِي وَسَأُرْضِيهُمَا مِنْهُ فَاتَّخِذْهُ مَسْجِدًا، فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُبنى وَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَارِ أَبِي أَيُّوبَ حَتَّى بَنَى مَسْجِدَهُ وَمَسَاكِنَهُ فَعَمِلَ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ.

وَسَتَأْتِي قِصَّةُ بِنَاءِ الْمَسْجِدِ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: وَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنَا أبو الحسن علي بن عمرو الْحَافِظُ ثَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ مَخْلَدٍ الدُّوريّ ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي الْوَرْدِ ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ صِرْمَةَ ثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسٍ.

قَالَ: قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم الْمَدِينَةَ فَلَمَّا دَخَلْنَا جَاءَ الْأَنْصَارُ بِرِجَالِهَا وَنِسَائِهَا فَقَالُوا: إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: " دَعُوا النَّاقَةَ فَإِنَّهَا مَأْمُورَةٌ " فَبَرَكَتْ عَلَى بَابِ أَبِي أَيُّوبَ، فَخَرَجَتْ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَضْرِبْنَ بِالدُّفُوفِ وَهُنَّ يَقُلْنَ: نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ * يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ " أتحبونني؟ " فَقَالُوا: إِي وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

فَقَالَ: " وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكُمْ، وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكُمْ، وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكُمْ " هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ لَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ السُّنَنِ، وقد خرجه الحاكم في مستدركه كما يروى (٢) .

ثُمَّ قَالَ الْبَيْهَقِيُّ أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السلمي أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بْنُ سُلَيْمَانَ النَّحَّاسُ الْمُقْرِئُ بِبَغْدَادَ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ الْحَسَنِ الْحَلَبِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ الْمِصِّيصِيُّ، ثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عَوْفٍ الْأَعْرَابِيِّ، عَنْ ثُمَامَةَ عَنْ أَنَسٍ.

قَالَ: مرَّ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَيٍّ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ، وَإِذَا جَوَارٍ يَضْرِبْنَ

بِالدُّفُوفِ يَقُلْنَ: نَحْنُ جَوَارٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ * يَا حَبَّذَا مُحَمَّدٌ مِنْ جَارِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يعلم الله أن قلبي يحبكم " (٣) وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ بِهِ.

وَفِي صَحِيحِ البخاري عن مَعْمَرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ،


(١) قال السهيلي: " وفسره ابن قتيبة على تلحلح: أي لزم مكانه ولم يبرح.
قال: وتحلحل، معناه زال عن موضعه.
وقال أبو ذر: تحلحلت معناه: تحركت وانزجرت.
(٢) نقله السيوطي عن البيهقي في الخصائص ١ / ١٩٠ ورواه البيهقي في الدلائل ٢ / ٥٠٨.
(٣) في البيهقي ٢ / ٥٠٨: يحبكن.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>