للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الواقدي: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه. قال: استشار عمر في التاريخ فأجمعوا على الهجرة.

وقال أبو داود الطيالسي عن قرة (١) بن خالد السدوسي عن محمد بن سيرين قال: قام رجل إلى عمر فقال أرخوا. فقال ما أرخوا؟ فقال شئ تفعله الأعاجم يكتبون في شهر كذا من سنة كذا. فقال عمر: حسن فأرخوا، فقالوا من أي السنين نبدأ. فقالوا من مبعثه، وقالوا من وفاته، ثم أجمعوا على الهجرة، ثم قالوا وأي الشهور نبدأ؟ قالوا رمضان، ثم قالوا المحرم فهو مصرف (٢) الناس من حجهم وهو شهر حرام فاجتمعوا (٣) على المحرم.

وقال ابن جرير: حدثنا قتيبة ثنا نوح بن قيس الطائي (٤) عن عثمان بن محصن أن ابن عباس كان يقول في قوله تعالى: (والفجر وليال عشر) هو المحرم فجر السنة وروى عن عبيد بن عمير. قال: إن المحرم شهر الله وهو رأس السنة يكسي البيت، ويؤرخ به الناس (٥)، ويضرب فيه الورق.

وقال أحمد: حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن إسحاق عن عمرو بن دينار قال: إن أول من ورخ الكتب يعلى بن أمية باليمن، وأن رسول الله قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس أرخوا لأول السنة.

وروى محمد بن إسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا: أرخ بنو إسماعيل من نار إبراهيم، ثم أرخوا من بنيان إبراهيم وإسماعيل البيت (٦)، ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة - أو ثماني عشرة - وقد ذكرنا هذا الفصل محررا بأسانيده وطرقه في السيرة العمرية ولله الحمد، والمقصود أنهم جعلوا ابتداء التاريخ الاسلامي من سنة الهجرة، وجعلوا أولها من المحرم فيما اشتهر عنهم وهذا هو قول جمهور الأئمة.


(١) من الطبري، وفي الأصل فروة وهو تحريف.
(٢) في الطبري: منصرف.
(٣) من الطبري وفي الأصل فاجتمعوا.
(٤) في الطبري: ٢/ ٢٥٣: الطاحي.
(٥) في الطبري: ويؤرخ التاريخ.
(٦) في رواية الطبري: فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا بمخرجهم ومن بقي بتهامة من بني إسماعيل يؤرخون من خروج سعد ونهد وجهينة وبني زيد من تهامة حتى مات كعب بن لؤي.
وعلق الطبري على رواية ابن إسحاق قال: وهذا الذي رواه علي بن مجاهد عن ابن إسحاق غير بعيد من الحق لأنهم لم يكونوا يؤرخون على أمر معروف يعمل به عامتهم وإنما كان المؤرخ منهم يؤرخ بزمان قحمة كانت في ناحية من نواحي من نواحي بلادهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>