للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرب، وتنابذ القوم، ونادى بعضهم بعضها. فقال أبو طالب عند ذلك يعرض بالمطعم بن عدي، ويعم من خذله من بني عبد مناف ومن عاداه من قبائل قريش، ويذكر ما سألوه وما تباعد من أمرهم:

ألا قل لعمرو والوليد ومطعم … ألا ليت حظي من حياطتكم بكر

من الخور حبحاب كثير رغاؤه … يرش على الساقين من بوله قطر (١)

تخلف خلف الورد ليس بلاحق … إذ ما علا الفيفاء قيل له وبر (٢)

أرى أخوينا من أبينا وأمنا … إذا سئلا قالا إلى غيرنا الامر

بل لهما أمر ولكن تحرجما … كما حرجمت من رأس ذي علق الصخر (٣)

أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا … هما نبذانا مثل ما نبذ الجمر

هما أغمزا للقوم في أخويهما … فقد أصبحا منهم أكفهما صفر (٤)

هما أشركا في المجد من لا أبا له … من الناس إلا أن يرس له ذكر

وتيم ومخزوم وزهرة منهم … وكانوا لنا مولى إذا بغي النصر

فوالله لا تنفك منا عداوة … ولا منكم ما دام من نسلنا شفر (٥)

قال ابن هشام: وتركنا منها بيتين أقذع فيهما.

[فصل في مبالغتهم في الأذية لآحاد المسلمين المستضعفين]

قال ابن إسحاق: ثم إن قريشا تذامروا بينهم على من في القبائل من أصحاب رسول الله الذين أسلموا معه، فوثبت كل قبيلة على من فيها من المسلمين يعذبونهم ويفتنونهم عن دينهم، ومنع الله منهم رسول الله بعمه أبي طالب. وقد قام أبو طالب، حين رأى قريشا يصنعون ما يصنعون، في بني هاشم وبني عبد المطلب، فدعاهم إلى ما هو عليه من منع رسول الله والقيام دونه، فاجتمعوا إليه وقاموا معه، وأجابوه إلى ما دعاهم إليه، إلا ما كان من أبي لهب عدو الله


(١) الخور: الضعاف. والحجاب: القصير، ويروى خبخاب هو الضعيف.
(٢) وبر: دويبة على شكل الهرة، ويحتمل أن يكون أراد أنه يصفر في العين لعلو المكان أو بعده.
(٣) تجرجما، وجرجمت في السيرة.
ذو علق: جبل في ديار بني أسد.
(٤) أغمزا: أغمز فلان في فلان، أو من فلان: إذا صغر شأنه وعابه واستضعفه.
(٥) في السيرة: ولا منهم ما كان من نسلنا شفر.
وشفر: أي أحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>