للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نام العيون ودمع عينك يهمل … سحاكما وكف الطباب المخضل (١)

في ليلة وردت علي همومها … طورا أخن وتارة أتمهل (٢)

واعتادني حزن فبت كأنني … ببنات نعش والسماك موكل

وكأنما بين الجوانح والحشا … مما تأوبني شهاب مدخل

وجدا على النفر الذين تتابعوا … يوما بمؤتة أسندوا لم ينقلوا

صلى الاله عليهم من فتية … وسقى عظامهم الغمام المسبل

صبروا بمؤتة للاله نفوسهم … حذر الردى ومخافة أن ينكلوا

فمضوا أمام المسلمين كأنهم … فنق عليهن الحديد المرفل (٣)

إذ يهتدون بجعفر ولوائه … حيث التقى وعث الصفوف مجدل (٤)

فتغير القمر المنير لفقده … والشمس قد كسفت وكادت تأفل

قرم علا بنيانه من هاشم … فرعا أشم وسؤددا ما ينقل

قوم بهم عصم الاله عباده … وعليهم نزل الكتاب المنزل

فضلوا المعاشر عزة وتكرما … وتغمدت أحلامهم من يجهل

لا يطلقون إلى السفاه حباهموا … وترى خطيبهم بحق يفصل

بيض الوجوه ترى بطون أكفهم … تندى إذا اعتذر الزمان الممحل

ويهديهم رضي الاله لخلقه … وبجدهم (٥) نصر النبي المرسل

[كتاب بعث رسول الله إلى ملوك الآفاق وكتبه إليهم]

ذكر الواقدي أن ذلك كان في آخر سنة ست في ذي الحجة بعد عمرة الحديبية، وذكر البيهقي هذا الفصل في هذا الموضع بعد غزوة مؤتة والله أعلم. ولا خلاف بينهم أن بدء ذلك كان قبل فتح مكة وبعد الحديبية لقول أبي سفيان لهرقل حين سأله هل يغدر فقال لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو صانع فيها. وفي لفظ البخاري وذلك في المدة التي ماد فيها أبو سفيان رسول الله


(١) في الأصل وبعض نسخ ابن هشام: الضباب، وما أثبتناه من شرح أبي ذر والسهيلي. والطباب: جمع طبابة وهي سير بين خرزتين في المزادة فإذا كان غير محكم وكف منه الماء.
(٢) أتمهل، وفي ابن هشام أتململ: أي أنقلب متبرما بمضجعي.
(٣) فنق: جمع فنيق، فحل الإبل.
(٤) وعث الصفوف: اختلاطها والتحامها حتى يصعب الخلاص من بينها.
(٥) بجدهم، قال أبو ذر وتروى وبحدهم معناه بشجاعتهم وإقدامهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>