للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ترجع، وتظن أنك بلا رقيب وأعمالك إلى المراقب ترفع، تقدم على الكبائر وعن الصغائر تتورع، وتؤمل الغفران وأنت عن الذنوب لا تقلع، وترى الأهوال محيطة بك وأنت في ميدان اللهو ترتع، وتستقبح أفعال الجهال وباب الجهل تقرع، وقد آن لك أن تأنف من التعنيف وعن الدنايا تترفع، وقد سار المخفون وتخلفت فماذا تتوقع ".

وقد أورد ابن الساعي له شعرا حسنا فمنه:

إن سهرت عيناك في طاعة … فذاك خير لك من نوم

أمسك قد فات بعلاته … فاستدرك الفائت في اليوم

وله:

إن ربا هداك بعد ضلال … سبل الرشد مستحق للعبادة

فتعبد له تجد منه عتقا … واستدم فضله بطول الزهاده

وله:

إذا تعففت عن حرام … عوضت بالطيب الحلال

فاقنع تجد في الحرام حلا … فضلا من الله ذي الجلال

[ثم دخلت سنة سبع وعشرين وستمائة]

فيها كانت وقعة عظيمة بين الأشرف موسى بن العادل وبين جلال الدين بن خوارزم شاه، وكان سببها أن جلال الدين كان قد أخذ مدينة خلاط في الماضي وخربها وشرد أهلها، وحاربه علاء الدين كيقباذ ملك الروم وأرسل إلى الأشرف يستحثه على القدوم عليه ولو جريدة وحده، فقدم الأشرف في طائفة كبيرة من عسكر دمشق، وانضاف إليهم عسكر بلاد الجزيرة ومن تبقى من عسكر خلاط، فكانوا خمسة آلاف مقاتل، معهم العدة الكاملة، والخيول الهائلة، فالتقوا مع جلال الدين بآذربيجان وهو في عشرين ألف مقاتل، فلم يقم لهم ساعة واحدة، ولا صبر فتقهقر وانهزم واتبعوه على الأثر، ولم يزالوا في طلبهم إلى مدينة خوي وعاد الأشرف إلى مدينة خلاط فوجدها خاوية على عروشها، فمهدها وأطدها، ثم تصالح وجلال الدين وعاد إلى مستقر ملكه حرسها الله وفيها تسلم الأشرف قلعة بعلبك من الملك الأمجد بهرام شاه بعد حصار طويل (١)، ثم استخلف على دمشق أخاه الصالح إسماعيل، ثم سار إلى الأشرف بسبب أن جلال الدين


(١) قال أبو الفداء في تاريخه: وعوضه الملك الأشرف عنها الزبداني وقصير دمشق الذي هو شماليها ومواضع أخر. وتوجه الملك الأمجد وأقام بداره التي داخل باب النصر بدمشق " دار السعادة " (٣/ ١٤٥ ابن خلدون ٥/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>