للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ ذكرت له خديجة [حديثه له] فَقَالَتْ: يَا عَتِيقُ اذْهَبْ مَعَ مُحَمَّدٍ إِلَى وَرَقَةَ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم أَخْذَ بِيَدِهِ أَبُو بَكْرٍ.

فَقَالَ: انْطَلِقْ بِنَا إِلَى وَرَقَةَ قَالَ: " وَمَنْ أَخْبَرَكَ؟ " قَالَ

خَدِيجَةُ فَانْطَلَقَا إِلَيْهِ فَقَصَّا عَلَيْهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إني إِذَا خَلَوْتُ وَحْدِي سَمِعْتُ نِدَاءً خَلْفِي: يَا مُحَمَّدُ يَا مُحَمَّدُ فَأَنْطَلِقُ هَارِبًا فِي الْأَرْضِ ".

فَقَالَ لَهُ لَا تَفْعَلْ.

إِذَا أَتَاكَ فَاثْبُتْ، حَتَّى تَسَمَعَ مَا يَقُولُ لَكَ ثُمَّ ائْتِنِي فَأَخْبِرْنِي.

فَلَمَّا خَلَا نَادَاهُ يَا مُحَمَّدُ قُلْ: (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) حتى بلغ: " ولا الضالين) قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

فَأَتَى وَرَقَةَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ وَرَقَةُ: أَبْشِرْ ثُمَّ أَبْشِرْ.

فَأَنَا أَشْهَدُ أَنَّكَ الَّذِي بشَّر بك ابن مريم، وإنك على مثل؟ مُوسَى، وَإِنَّكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّكَ سَتُؤْمَرُ بِالْجِهَادِ بَعْدَ يَوْمِكَ هَذَا.

وَلَئِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ لَأُجَاهِدَنَّ معك.

فلما توفي [ورقة] .

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَقَدْ رَأَيْتُ الْقَسَّ فِي الْجَنَّةِ عَلَيْهِ ثِيَابُ الْحَرِيرِ، لِأَنَّهُ آمَنَ بِي وَصَدَّقَنِي " يَعْنِي وَرَقَةَ.

هَذَا لَفْظُ الْبَيْهَقِيِّ (١) وَهُوَ مُرْسَلٌ وَفِيهِ غَرَابَةٌ وَهُوَ كَوْنُ الْفَاتِحَةِ أَوَّلَ مَا نَزَلَ وَقَدْ قَدَّمْنَا مِنْ شِعْرِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِضْمَارِهِ الْإِيمَانَ وَعَقْدِهِ عَلَيْهِ وَتَأَكُّدِهِ عِنْدَهُ، وَذَلِكَ حِينَ أَخْبَرَتْهُ خَدِيجَةُ مَا كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَعَ غُلَامِهَا مَيْسَرَةَ وَكَيْفَ كَانَتِ الْغَمَامَةُ تُظَلِّلُهُ فِي هَجِيرِ الْقَيْظِ.

فَقَالَ وَرَقَةُ فِي ذَلِكَ أَشْعَارًا قَدَّمْنَاهَا قَبْلَ هَذَا، مِنْهَا قَوْلُهُ: لَجَجْتُ وَكُنْتُ فِي الذِّكْرَى لَجُوجًا * لأمرٍ طَالَمَا بَعَثَ النَّشِيجَا (٢) وَوَصْفٍ مِنْ خَدِيجَةَ بَعْدَ وَصْفٍ * فَقَدْ طَالَ انْتِظَارِي يَا خَدِيجَا بِبَطْنِ الْمَكَّتَيْنِ عَلَى رَجَائِي * حديثك أن أرى منه خروجا بما خبرتنا مِنْ قَوْلِ قَسٍّ * مِنَ الرُّهْبَانِ أَكْرَهُ أَنْ يَعُوجَا بِأَنَّ مُحَمَّدًا سَيَسُودُ قَوْمًا * وَيَخْصِمُ مَنْ يَكُونُ لَهُ حَجِيجَا وَيُظْهِرُ فِي الْبِلَادِ ضِيَاءَ نور * يقيم به البرية أن تعوجا (٣) فَيَلْقَى مَنْ يُحَارِبُهُ خَسَارًا * وَيَلْقَى مَنْ يُسَالِمُهُ فلوجا فيا ليتي إِذَا مَا كَانَ ذَاكُمْ * شَهِدْتُ وَكُنْتُ أَوَّلَهُمْ ولوجا ولو كان الذي كرهت قريش * ولو عجت بمكتها عجيجا (٤) أُرَجِّي بِالَّذِي كَرِهُوا جَمِيعًا * إِلَى ذِي الْعَرْشِ إذ سفلوا عروجا فإن يبقوا وأبق تكن أمور * يضج الكافرون لها ضجيجا (٥)


(١) الحديث في دلائل النبوة للبيهقي ج ١ / ١٥٨ - ١٥٩ وما بين معكوفين في الحديث من الدلائل.
وعلق البيهقي في آخر الحديث قال: فهذا منقطع، فإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها - أي سورة الفاتحة - بعدما نزلت عليه، اقْرَأْ بِاسْمِ ربك ويا أيها المدثر والله أعلم.
(٢) في سيرة ابن هشام: لهم بدل لامر.
(٣) في السيرة: إن تموجا بدل أن تعوجا.
(٤) في السيرة: وَلوجاً في الذي كرهت قريش.
(٥) في نسخ البداية المطبوعة يكن أمورا وهو تحريف والصواب اثبتناه من السيرة لابن هشام.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>