للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَحْيَى بْنُ الرَّبِيعِ وَخُلِعَ عَلَيْهِ خِلْعَةٌ سَنِيَّةٌ سوداء وطرحة كحلي، وحضر عنده العلماء والأعيان.

وفيها تولى القضاء بِبَغْدَادَ أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيلِيُّ وخلع عليه أيضاً.

وفيها توفي مِنَ الْأَعْيَانِ: الْقَاضِي ابْنُ الزَّكِيِّ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ أَبُو الْمَعَالِي الْقُرَشِيُّ، مُحْيِي الدين قاضي قضاة دمشق وكل منهما كَانَ قَاضِيًا أَبُوهُ وَجَدُّهُ وَأَبُو جَدِّهِ يَحْيَى بن علي، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ وَلِيَ الْحُكْمَ بِدِمَشْقَ مِنْهُمْ، وكان هو جَدَّ الْحَافِظِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ عَسَاكِرَ لِأُمِّهِ، وَقَدْ تَرْجَمَهُ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي التَّارِيخِ وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الْقُرَشِيِّ.

قَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ: وَلَوْ كَانَ أُمَوِيًّا عُثْمَانِيًّا كَمَا يَزْعُمُونَ لَذَكَرَ ذَلِكَ ابْنُ عَسَاكِرَ، إِذْ كَانَ فِيهِ شَرَفٌ لِجَدِّهِ وَخَالَيْهِ مُحَمَّدٍ وَسُلْطَانَ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ صحيخا لَمَا خُفِيَ عَلَى ابْنِ عَسَاكِرَ، اشْتَغَلَ ابْنُ الزَّكِيِّ عَلَى الْقَاضِي شَرَفِ الدِّينِ أَبِي سَعْدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَصْرُونَ، وَنَابَ عَنْهُ فِي الْحُكْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ تَرَكَ النِّيَابَةَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ خَطَبَ بِالْقُدْسِ لما فتح كما تقدم، ثم تولى قضاء دمشق وأضيف إِلَيْهِ قَضَاءَ حَلَبَ أَيْضًا، وَكَانَ نَاظِرَ أَوْقَافِ الجامع، وعزل عنها قَبْلَ وَفَاتِهِ بِشُهُورٍ، وَوَلِيَهَا شَمْسُ الدِّينِ بْنُ الليثي ضماناً، وقد كان ابن الزَّكِيِّ يَنْهَى الطَّلَبَةَ عَنِ الِاشْتِغَالِ بِالْمَنْطِقِ وَعِلْمِ الكلام، ويمزق كتب من كان عنده شئ من ذلك بالمدرسة النورية، وَكَانَ يَحْفَظُ الْعَقِيدَةَ الْمُسَمَّاةَ بِالْمِصْبَاحِ لِلْغَزَالِيِّ، وَيُحَفِّظُهَا أَوْلَادَهُ أَيْضًا، وَكَانَ لَهُ دَرْسٌ فِي التَّفْسِيرِ يذكره

بالكلاسة، تجاه تربة صلاح الدين، ووقع بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْإِسْمَاعِيلِيَّةِ فَأَرَادُوا قَتْلَهُ فَاتَّخَذَ لَهُ بَابًا مِنْ دَارِهِ إِلَى الْجَامِعِ لِيَخْرُجَ مِنْهُ إلى الصلاة، ثم إنه خُولِطَ فِي عَقْلِهِ، فَكَانَ يَعْتَرِيهِ شِبْهُ الصَّرْعِ إلى أن توفي في شعبان مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَدُفِنَ بِتُرْبَتِهِ بِسَفْحِ قَاسِيُونَ (١) ويقال إن الحافظ عبد الغني دعا عليه فحصل له هذا الداء العضال، ومات، وكذلك الخطيب الدولعي توفي فيها وهما اللذان قاما على الحافظ عبد الغني فماتا في هذه السنة، فكانا عبرة لغيرهما.

الْخَطِيبُ الدَّوْلَعِيُّ ضِيَاءُ الدِّينِ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ زَيْدِ بْنِ يَاسِينَ التَّغْلِبِيُّ (٢) الدَّوْلَعِيُّ، نِسْبَةً إِلَى قَرْيَةٍ بِالْمَوْصِلِ، يُقَالُ لَهَا الدَّوْلَعِيَّةُ، ولد بها في سنة ثمان عَشْرَةَ (٣) وَخَمْسِمِائَةٍ، وَتَفَقَّهَ بِبَغْدَادَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَسَمِعَ الْحَدِيثَ فَسَمِعَ التِّرْمِذِيَّ عَلَى أَبِي الْفَتْحِ الكروخي (٤) ، والنسائي على أبي الحسن


(١) في الاصل قايسون.
(٢) في الاصل: الثعلبي تحريف.
(٣) في معجم البلدان ووفيات الاعيان ٧ / ٢٠٣: سنة ٥٠٧ هـ.
(٤) في الاصل: الكروجي وهو خطأ.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>