للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الملك قطب الدين مودود بن زنكي]

أخو نور الدين محمود صاحب الموصل، وله من العمر أربعون سنة، ومدة ملكه منها إحدى وعشرون سنة (١)، وكان من خيار الملوك، محببا إلى الرعية، عطوفا عليهم، محسنا إليهم، حسن الشكل. وتملك من بعده ولده سيف الدين غازي من الست خاتون بنت تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق أصحاب ماردين، وكان مدبر مملكته والمتحكم فيها فخر الدين عبد المسيح، وكان ظالما غاشما. وفيها كانت حروب كثيرة بين ملوك الغرب بجزيرة الأندلس، وكذلك كانت حروب كثيرة بين ملوك الشرق أيضا. وحج بالناس فيها وفيما قبلها الأمير برغش الكبير، ولم أر أحدا من أكابر الأعيان توفي فيها.

[ثم دخلت سنة ست وستين وخمسمائة]

فيها كانت وفاة المستنجد وخلافة ابنه المستضئ، وذلك أن المستنجد كان قد مرض في أول هذه السنة، ثم عوفي فيما يبدو للناس، فعمل ضيافة عظيمة بسبب ذلك، وفرح الناس بذلك، ثم أدخله الطبيب إلى الحمام وبه ضعف شديد فمات في الحمام، ويقال: إن ذلك كان بإشارة بعض الدولة على الطبيب، استعجالا لموته، توفي يوم السبت بعد الظهر ثاني (٢) ربيع الآخر من ثمان وأربعين سنة (٣)، وكانت مدة خلافته إحدى عشرة سنة وشهرا (٤)، وكان من خيار الخلفاء وأعدلهم وأرفقهم بالرعايا، ومنع عنهم المكوس والضرائب، ولم يترك بالعراق مكسا، وقد شفع إليه بعض أصحابه في رجل شرير، وبذل فيه عشرة آلاف دينار، فقال له الخليفة أنا أعطيك عشرة آلاف دينار وائتني بمثله لأريح المسلمين من شره، وكان المستنجد أسمر طويل اللحية، وهو الثاني والثلاثين من العباسيين وذلك في الجمل لام باء ولهذا قال فيه بعض الأدباء:

أصبحت لب بني العباس جملتها … إذا عددت حساب الجمل الخلفا


(١) في الكامل ١١/ ٣٥٥ زيد: وخمسة أشهر ونصفا. وفي العبر لابن خلدون ٥/ ٢٤٩: لإحدى وعشرين سنة
ونصف.
(٢) في الكامل ١١/ ٣٦٠ وتاريخ أبي الفداء ٣/ ٤٩ وفي المنتظم ١٠/ ٢٣٦ ومرآة الزمان ٨/ ٢٨٥ ونهاية الإرب ١٢/ ٢٩٩: تاسع ربيع الآخر.
(٣) قال ابن الأثير في تاريخه: وكان مولده مستهل ربيع الآخر سنة ٥١٠ فعلى ما ذكره يكون له عند وفاته من العمر ست وأربعون سنة.
(٤) في الكامل زاد: وستة أيام. وفي نهاية الإرب ١٢/ ٢٩٩ زاد: وأيام. وفي دول الاسلام ٢/ ٢٧٩: إحدى عشرة
سنة وأياما. وهو ما يتفق مع الروضتين ١/ ٢/ ٤٨٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>