للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْإِسْنَادِ وَلَمْ يُخْرِجَاهُ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ عَبِيدَةَ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ خِّير أَصْحَابَكَ في الأسارى إن شاؤا الفداء وإن شاؤا الْقَتْلَ عَلَى أَنْ يُقْتَلَ عَامًا قَابِلًا مِنْهُمْ مثلهم، قالوا الفداء أو يقتل مِنَّا.

وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا، وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ مُرْسَلًا عَنْ عُبَيْدَةَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: (لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أخذتم عذاب عظيم) يَقُولُ لَوْلَا أَنِّي لَا أُعَذِّبُ مَنْ عَصَانِي حَتَّى أَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ.

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا وَاخْتَارَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ وَقَالَ الْأَعْمَشُ سَبَقَ مِنْهُ أَنْ لَا يُعَذِّبَ أَحَدًا شَهِدَ بَدْرًا.

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالثَّوْرِيُّ: (لَوْلَا كتاب من الله سبق) أَيْ لَهُمْ بِالْمَغْفِرَةِ.

وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ سَبَقَ فِي أُمِّ الْكِتَابِ الْأَوَّلِ أَنَّ الْمَغَانِمَ وَفِدَاءَ الْأُسَارَى حَلَالٌ لَكُمْ، وَلِهَذَا قَالَ بعده: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّباً) وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَعَطَاءٍ وَالْحَسَنِ وَقَتَادَةَ وَالْأَعْمَشِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَقَدْ تَرَجَّحَ هَذَا الْقَوْلُ بِمَا ثَبَتَ فِي الصَّحيحين عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " أُعْطِيتُ خَمْسًا لَمْ يعطهنَّ أحدا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلِي، نُصِرْتُ بِالرُّعْبِ مَسِيرَةَ شَهْرٍ، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وحلت لِيَ الْغَنَائِمُ وَلَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ قَبْلِي، وَأُعْطِيتُ الشَّفاعة، وَكَانَ النَّبيّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ

عَامَّةً ".

وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَمْ تَحِلَّ الْغَنَائِمُ لِسُودِ الرؤوس غَيْرِنَا " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى: (فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالاً طَيِّباً) فَأَذِنَ اللَّهُ تَعَالَى فِي أَكْلِ الْغَنَائِمِ وَفِدَاءِ الْأُسَارَى وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُبَارَكِ الْعَيْشِيُّ (١) ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حَبِيبٍ، ثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي الْعَنْبَسِ، عَنْ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ فِدَاءَ أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ يَوْمَ بَدْرٍ أَرْبَعَمِائَةٍ (٢) ، وَهَذَا كَانَ أَقَلَّ مَا فُودِيَ بِهِ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنَ الْمَالِ، وَأَكْثَرُ مَا فُودِيَ بِهِ الرَّجُلُ مِنْهُمْ أَرْبَعَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ (٣) .

وَقَدْ وَعَدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِالْخَلَفِ عَمَّا أُخِذَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَقَالَ تَعَالَى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قلوبهم خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) الْآيَةَ [الْأَنْفَالِ: ٧٠] .

وَقَالَ الْوَالِبِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَزَلَتْ فِي الْعَبَّاسِ فَفَادَى نَفْسَهُ بِالْأَرْبَعِينَ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ قَالَ الْعَبَّاسُ، فَآتَانِي اللَّهُ أَرْبَعِينَ عَبْدًا - يَعْنِي كُلُّهُمْ يَتَّجِرُ لَهُ - قَالَ وَأَنَا أَرْجُو الْمَغْفِرَةَ الَّتِي وَعَدَنَا اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ (٤) .

وقال ابن إسحاق: حدَّثني العبَّاس بن


(١) العيشي: من سنن أبي داود ودلائل البيهقي.
وفي الاصل: العبسي وهو تحريف.
(٢) أخرجه أبو داود في كتاب الجهاد باب فداء الاسير بالمال ح ٢٦٩١ ج ٣ / ٦١ - ٦٢.
(٣) قال الواقدي: جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الفداء يوم بدر أربعة آلاف لكل رجل.
وفي رواية له: أرفعهم أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف إلى الفين إلى ألف إلى قوم لا مال لهم من عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(٤) دلائل البيهقي ٣ / ١٤٣.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>