للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليلته، كما قال سيف بن عمر التميمي عن أبي القاسم الشنوي عن العلاء بن زيد (١) عن ابن عمر: أتى الخبر إلى النبي من السماء الليلة التي قتل فيها العنسي ليبشرنا، فقال: قتل العنسي البارحة قتله رجل مبارك من أهل بيت مباركين، قيل: ومن؟ قال: فيروز فيروز، وقد قيل: إن مدة ملكه منذ ظهر إلى أن قتل ثلاثة أشهر، ويقال: أربعة أشهر، فالله أعلم … وقال سيف بن عمر عن المستنير عن عروة عن الضحاك عن فيروز: قال: قتلنا الأسود، وعاد أمرنا في صنعاء كما كان إلا أنا أرسلنا إلى معاذ بن جبل فتراضينا عليه، فكان يصلي بنا في صنعاء، فوالله ما صلى بنا إلا ثلاثة أيام حتى أتانا الخبر بوفاة رسول الله ، فانتقضت الأمور، وأنكرنا كثيرا مما كنا نعرف، واضطربت الأرض، وقد قدمنا أن خبر العنسي جاء إلى الصديق في أواخر ربيع الأول بعدما جهز جيش أسامة، وقيل: بل جاءت البشارة إلى المدينة صبيحة توفي رسول الله والأول أشهر والله أعلم … والمقصود أنه لم يجئهم فيما يتعلق بمصالحهم واجتماع كلمتهم وتأليف ما بينهم والتمسك بدين الاسلام إلا الصديق ، وسيأتي إرساله إليهم من يمهد الأمور التي اضطربت في بلادهم ويقوي أيدي المسلمين، ويثبت أركان دعائم الاسلام فيهم، *

[فصل في تصدي الصديق لقتال أهل الردة ومانعي الزكاة]

قد تقدم أن رسول الله لما توفي ارتدت احياء كثيرة من الاعراب، ونجم النفاق بالمدينة وانحاز إلى مسيلمة الكذاب بنو حنيفة وخلق كثير باليمامة، والتفت على طليحة الأسدي بنو أسد وطئ، وبشر كثير أيضا، وادعى النبوة أيضا كما أدعاها مسيلمة الكذاب، وعظم الخطب واشتدت الحال، ونفذ الصديق جيش أسامة، فقل الجند عند الصديق، فطمعت كثير من الاعراب في المدينة وراموا أن يهجموا عليها، فجعل الصديق على أنقاب المدينة حراسا يبيتون بالجيوش حولها، فمن أمراء الحرس علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام، وطلحة بن عبد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعبد الله بن مسعود، وجعلت وفود العرب تقدم المدينة. يقرون بالصلاة ويمتنعون من أداء الزكاة، ومنهم من امتنع من دفعها إلى الصديق، وذكر أن منهم من احتج بقوله تعالى:(خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم)[التوبة: ١٠٣] قالوا: فلسنا ندفع زكاتنا إلا إلى من صلاته سكن لنا، وأنشد بعضهم:

أطعنا رسول الله إذ كان بيننا … فواعجبا ما بال ملك أبي بكر

وقد تكلم الصحابة مع الصديق في أن يتركهم وما هم عليه من منع الزكاة ويتألفهم حتى


(١) في الطبري: زياد.

<<  <  ج: ص:  >  >>