للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعثمان وعلي، فقال لي: أدن فَدَنَوْتُ حَتَّى قُمْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَرَفَعَ بَصَرَهُ إليَّ وَقَالَ: أَمَا إنَّك سَتَلِي أَمْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَتَعْدِلُ عَلَيْهِمْ * وَسَيَأْتِي فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ إن شاء الله أن الله لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ

كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مِنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا، وَقَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ إنَّه عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فإنَّه تولَّى سَنَةَ إِحْدَى وَمِائَةٍ * وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أنَّا الْحَاكِمُ، أَنَا أَبُو حَامِدٍ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ المقري، ثَنَا أَبُو عِيسَى، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَفَّانُ بْنُ مُسْلِمٍ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ لَاحِقٍ عَنْ جُوَيْرِيَّةَ بْنِ أَسْمَاءَ عَنْ نَافِعٍ عن ابن عمر قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخطَّاب قَالَ: إنَّ مِنْ وَلَدِي رَجُلًا بِوَجْهِهِ شَيْنٌ يَلِي فَيَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا، قَالَ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ: وَلَا أَحْسَبُهُ إِلَّا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ (١) * وَقَدْ رَوَاهُ نُعَيْمُ بْنُ حَمَّادٍ عَنْ عُثْمَانَ بن عبد الحميد به، وَلِهَذَا طَرُقٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: لَيْتَ شِعْرِي، مَنْ هَذَا الَّذِي مِنْ وَلَدِ عُمَرَ بْنِ الخطَّاب فِي وَجْهِهِ عَلَامَةٌ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا؟ * وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَرْمَلَةَ عَنْ سَعِيدِ بن الْمُسَيَّبِ نَحْوًا مِنْ هَذَا، وَقَدْ كَانَ هَذَا الْأَمْرُ مَشْهُورًا قَبْلَ وِلَايَتِهِ وَمِيلَادِهِ بالكلِّية أنَّه يَلِي رَجُلٌ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ يُقَالُ لَهُ: أَشُجُّ بَنِي مَرْوَانَ، وَكَانَتْ أُمُّهُ أَرْوَى بِنْتَ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَكَانَ أَبُوهُ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ نَائِبًا لِأَخِيهِ عَبْدِ الْمَلِكِ عَلَى مِصْرَ، وَكَانَ يُكْرِمُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ، وَيَبْعَثُ إِلَيْهِ بالتُّحف وَالْهَدَايَا وَالْجَوَائِزِ فَيَقْبَلُهَا، وَبَعَثَ إِلَيْهِ مرَّة بِأَلْفِ دِينَارٍ فَأَخَذَهَا، وَقَدْ دَخَلَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَوْمًا إِلَى اصْطَبْلِ أَبِيهِ وَهُوَ صَغِيرٌ، فَرَمَحَهُ فَرَسٌ فشجَّه فِي جَبِينِهِ، فَجَعَلَ أَبُوهُ يَسْلُتُ عَنْهُ الدَّم وَيَقُولُ: أَمَّا لَئِنْ كُنْتَ أَشَجَّ بَنِي مَرْوَانَ، إنَّك إِذًا لَسَعِيدٌ، وَكَانَ النَّاس يَقُولُونَ: الأشجّ والناقص أعدلا بَنِي مَرْوَانَ، فَالْأَشَجُّ هُوَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَالنَّاقِصُ هُوَ يَزِيدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ الشَّاعر: رأيتُ اليَزيدَ بْنَ الوليدِ مُبَارَكًا * شَديداً بأعباءِ الخِلافةِ كاهِلِهِ قُلْتُ: وَقَدْ وَلِيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ سَنَتَيْنِ وَنِصْفًا، فَمَلَأَ الْأَرْضَ عَدْلًا، وَفَاضَ الْمَالُ حتَّى كَانَ الرَّجل يَهُمُّهُ لِمَنْ يُعْطِي صَدَقَتَهُ، وَقَدْ حَمَلَ الْبَيْهَقِيُّ الْحَدِيثَ المتقدِّم عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، عَلَى أَيَّامِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَعِنْدِي فِي ذَلِكَ نَظَرٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ * وَقَدْ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ: حدثني أبو معن الأنصاري، ثنا أسيد قَالَ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَمْشِي إِلَى مَكَّةَ بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ إِذْ رَأَى حَيَّةً مَيِّتَةً فَقَالَ: عَلَيَّ بِمِحْفَارٍ، فَقَالُوا: نَكْفِيكَ أصلحك اللَّهِ، قال: لا، ثمَّ أخذه ثمَّ لفَّه فِي خِرْقَةٍ وَدَفَنَهُ، فَإِذَا هَاتِفٌ يهتف: رَحْمَةُ اللَّهِ

عَلَيْكَ يَا سُرَّق، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: مَنْ أَنْتَ يَرْحَمُكَ اللَّهُ؟ قَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنَ الْجِنِّ وَهَذَا سُرَّقٌ، وَلَمْ يَبْقَ مِمَّنْ بَايَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَيْرِي وَغَيْرُهُ، وَأَشْهَدَ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ: تَمُوتُ يَا سرَّق بِفَلَاةٍ مِنَ الْأَرْضِ وَيَدْفِنُكَ خَيْرُ أُمَّتِي (٢) * وَقَدْ رَوَى هَذَا مِنْ وجه آخر وفيه:


(١) رواه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٩٢.
(٢) رواه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٩٣ - ٤٩٤.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>