للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صلحا وعنوة، وافتتح أخوه ثلاثين حصنا، وبعث يحيى بن أكثم في سرية إلى طوانة فافتتح بلادا كثيرة خلقا وأسر خلقا وحرق حصونا عدة، ثم عاد إلى العسكر. وأقام المأمون ببلاد الروم من نصف جمادى الآخرة إلى نصف شعبان، ثم عاد إلى دمشق وقد وثب رجل يقال له عبدوس الفهري في شعبان من هذه السنة ببلاد مصر، فتغلب على نواب أبي إسحاق بن الرشيد واتبعه خلق كثير، فركب المأمون من دمشق يوم الأربعاء لأربع عشرة ليلة خلت من ذي الحجة إلى الديار المصرية، فكان من أمره ما سنذكره.

وفيها كتب المأمون إلى إسحاق بن إبراهيم نائب بغداد يأمره أن يأمر الناس بالتكبير عقيب الصلوات الخمس، فكان أول ما بدئ بذلك في جامع بغداد والرصافة يوم الجمعة لأربع عشر ليلة خلت من رمضان، وذلك أنهم كانوا إذا قضوا الصلاة قام الناس قياما فكبروا ثلاث تكبيرات، ثم استمروا على ذلك في بقية الصلوات. وهذه بدعة أحدثها المأمون أيضا بلا مستند ولا دليل ولا معتمد، فإن هذا لم يفعله قبله أحد، ولكن ثبت في الصحيح عن ابن عباس أن رفع الصوت بالذكر كان على عهد رسول الله ليعلم حين ينصرف الناس من المكتوبة، وقد استحب هذا طائفة من العلماء كابن حزم وغيره. وقال ابن بطال: المذاهب الأربعة على عدم استحبابه. قال النووي: وقد روي عن الشافعي أنه قال: إنما كان ذلك ليعلم الناس أن الذكر بعد الصلوات مشروع، فلما علم ذلك لم يبق للجهر معنى. وهذا كما روى عن ابن عباس أنه كان يجهر في الفاتحة في صلاة الجنازة ليعلم الناس أنها سنة، ولهذا نظائر والله أعلم.

وأما هذه البدعة التي أمر بها المأمون فإنها بدعة محدثة لم يعمل بها أحد من السلف.

وفيها وقع برد شديد جدا.

وفيها حج بالناس الذي حج بهم في العام الماضي (١)، وقيل غيره والله أعلم.

[وفيها توفى]

حبان بن هلال (٢).

وعبد الملك بن قريب الأصمعي صاحب اللغة والنحو والشعر وغير ذلك.

ومحمد بن بكار بن هلال (٣).

وهوذة بن خليفة (٤).

[زبيدة امرأة الرشيد وابنة عمه]

وهي ابنة جعفر أم العزيز الملقبة زبيدة بنت جعفر بن المنصور العباسية الهاشمية القرشية،


(١) في الطبري وابن الأثير: حج بالناس سليمان بن عبد الله بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس.
(٢) البصري الحافظ الثقة، امتنع عن القول بالتحديث قبل موته بأعوام، روى عن شعبة وطبقته.
(٣) في تقريب التهذيب بلال، وهو أبو عبد الله الدمشقي، العاملي، قاضي دمشق صدوق أخذ عن سعيد بن عبد العزيز وهو من العلماء الثقات. مات وله أربع وسبعون سنة.
(٤) هوذة بن خليفة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكرة الثقفي البكراوي - أبو الأشهب البصري الأصم نزيل بغداد. ضعفه ابن معين.

<<  <  ج: ص:  >  >>