للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوليد بن عقبة، فلمَّا بلغ ذلك معاوية كَانَ يَلْعَنُ فِي قُنُوتِهِ عَلِيًّا وَحَسَنًا وَحُسَيْنًا وَابْنَ عَبَّاسٍ وَالْأَشْتَرَ النَّخَعِيَّ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَأَمَّا الْحَدِيثُ الَّذِي قَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ: أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدَانَ، أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدٍ الصَّفَّارُ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ الْفَضْلِ، ثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ وَحَبِيبِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ سُوِيدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: إنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَلَيٍّ بشطِّ الْفُرَاتِ فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " إنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ اخْتَلَفُوا فَلَمْ يَزَلِ اخْتِلَافُهُمْ بَيْنَهُمْ حَتَّى بَعَثُوا حَكَمَيْنِ فَضَلَّا وَأَضَلَّا، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَخْتَلِفُ فَلَا يَزَالُ اخْتِلَافُهُمْ بَيْنَهُمْ حَتَّى يَبْعَثُوا حَكَمَيْنِ فَيَضِلَّانِ وَيُضِلَّانِ مَنِ اتَّبَعَهُمَا " (١) فَإِنَّهُ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ وَرَفْعُهُ مَوْضُوعٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

إِذْ لَوْ كَانَ هَذَا مَعْلُومًا عِنْدَ عَلِيٍّ لَمْ يُوَافِقْ عَلَى تَحْكِيمِ الْحَكَمَيْنِ حتَّى لَا يَكُونَ سَبَبًا لِإِضْلَالِ الناس، كما نطق به هَذَا الْحَدِيثِ.

وَآفَةُ هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى وَهُوَ الْكِنْدِيُّ الْحِمْيَرِيُّ الْأَعْمَى قَالَ ابن معين ليس بشئ.

خروج الخوارج من الكوفة ومبارزتهم علياً

لمَّا بَعَثَ عَلِيٌّ أَبَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْجَيْشِ إِلَى دُومَةِ الْجَنْدَلِ اشْتَدَّ أَمْرُ الْخَوَارِجِ وَبَالَغُوا فِي النَّكِيرِ عَلَى عَلِيٍّ وَصَرَّحُوا بِكُفْرِهِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ مِنْهُمْ، وَهَمَا زُرْعَةُ بْنُ الْبُرْجِ الطَّائِيُّ، وَحُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ فَقَالَا: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، فَقَالَ لَهُ حُرْقُوصُ: تب من خطيئتك واذهب بِنَا إِلَى عَدُوِّنَا حَتَّى نُقَاتِلَهُمْ حَتَّى نَلْقَى رَبَّنَا.

فَقَالَ عَلِيٌّ: قَدْ أَرَدْتُكُمْ عَلَى ذَلِكَ فأبيتم، وقد كتبنا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ عهوداً وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: * (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إذا عاهدتم) * الْآيَةَ [النَّحْلِ: ٩١] فَقَالَ لَهُ حُرْقُوصُ: ذَلِكَ ذَنْبٌ يَنْبَغِي أَنْ تَتُوبَ مِنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا هُوَ بِذَنْبٍ وَلَكِنَّهُ عَجْزٌ مِنَ الرَّأْيِ، وَقَدْ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ فِيمَا كَانَ مِنْهُ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْهُ، فَقَالَ لَهُ زُرْعَةُ بْنُ الْبُرْجِ: أَمَا وَاللَّهِ يَا عَلِيُّ لَئِنْ لَمْ تَدَعْ تَحْكِيمَ الرِّجَالِ في كتاب الله لأقاتلنك أطلب بذلك

رحمة الله ورضوانه.

، فقال علي: تَبًّا لَكَ مَا أَشْقَاكَ! كَأَنِّي بِكَ قَتِيلًا تَسْفِي عَلَيْكَ الرِّيحُ، فَقَالَ: وَدِدْتُ أَنْ قَدْ كَانَ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: إِنَّكَ لَوْ كُنْتَ مُحِقًّا كَانَ فِي الْمَوْتِ تَعْزِيَةٌ عَنِ الدُّنْيَا، وَلَكِنَّ الشَّيْطَانَ قَدِ اسْتَهْوَاكُمْ، فَخَرَجَا مِنْ عنده يحكمان وَفَشَى فِيهِمْ ذَلِكَ، وَجَاهَرُوا بِهِ النَّاسَ، وَتَعَرَّضُوا لِعَلِيٍّ فِي خُطَبِهِ وَأَسْمَعُوهُ السَّبَّ وَالشَّتْمَ وَالتَّعْرِيضَ بِآيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ، وَذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا قَامَ خَطِيبًا فِي بَعْضِ الْجُمَعِ فَذَكَرَ أَمْرَ الْخَوَارِجِ فذمه وعابه.

فقام جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ كُلٌّ يَقُولُ لَا حُكْمَ إِلَّا لِلَّهِ، وَقَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ وَهُوَ وَاضِعٌ أُصْبُعَهُ فِي أُذُنَيْهِ يَقُولُ: * (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) * [الزمر: ٦٥] فَجَعَلَ عَلِيٌّ يُقَلِّبُ يديه هكذا وهكذا وهو على المنبر ويقول: حُكْمَ اللَّهِ نَنْتَظِرُ فِيكُمْ.

ثُمَّ قَالَ: إِنَّ لَكُمْ عَلَيْنَا أَنْ لَا نَمْنَعَكُمْ مَسَاجِدَنَا مَا لَمْ تَخْرُجُوا عَلَيْنَا وَلَا نَمْنَعَكُمْ نَصِيبَكُمْ مِنْ هذا الفئ ما دامت أيديكم مع


(١) أخرجه البيهقي في الدلائل ٦ / ٤٢٣.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>