للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أشياخ من قومه. قالوا: قدم سويد بن الصامت أخو بني عمرو بن عوف مكة حاجا - أو معتمرا - وكان سويد إنما يسميه قومه فيهم الكامل لجلده وشعره وشرفه ونسبه، وهو الذي يقول:

ألا رب من تدعو صديقا ولو ترى … مقالته بالغيب ساءك ما يفري

مقالته كالشهد ما كان شاهدا … وبالغيب مأثور على ثغرة النحر (١)

يسرك باديه وتحت أديمه … تميمة غش تبتري عقب الظهر

تبين لك العينان ما هو كاتم … من الغل والبغضاء بالنظر الشزر

فرشني بخير ظالما قد بريتني … وخير الموالي من يريش ولا يبري (٢)

قال فتصدى له رسول الله حين سمع به فدعاه إلى الله والاسلام، فقال له سويد: فلعل الذي معك مثل الذي معي. فقال له رسول الله : وما الذي معك؟ قال مجلة لقمان يعني حكمة لقمان - فقال لرسول الله : أعرضها علي، فعرضها عليه فقال: " إن هذا الكلام حسن، والذي معي أفضل من هذا، قرآن أنزله الله علي هو هدى ونور " فتلا عليه رسول الله القرآن ودعاه إلى الاسلام. فلم يبعد منه وقال: إن هذا القول حسن. ثم انصرف عنه فقدم المدينة على قومه فلم يلبث أن قتله الخزرج (٣). فإن كان رجال من قومه ليقولون إنا لنراه قتل وهو مسلم. وكان قتله قبل بعاث (٤). وقد رواه البيهقي (٥) عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار، عن يونس بن بكير، عن ابن إسحاق بأخصر من هذا.

[إسلام إياس بن معاذ]

قال ابن إسحاق: وحدثني الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، عن محمود بن لبيد. قال: لما قدم أبو الحيسر، أنس بن رافع، مكة ومعه فتية من بني عبد الأشهل، فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج، سمع بهم رسول الله فأتاهم فجلس إليهم، فقال [لهم]: " هل لكم في خير مما جئتم له؟ قال: قالوا: وما ذاك؟


(١) المأثور: السيف الموشى.
(٢) في ابن هشام: فخير الموالي بدلا من وخير الموالي.
(٣) قتل سويدا المجذر بن ذياد واسمه عبد الله، وكان قتله في الجاهلية فهيج قتله وقعة بعاث بين الأوس والخزرج ثم أسلم المجذر والحارث بن سويد بن الصامت، وكان الحارث يطلب غرة المجذر بن ذياد ليقتله بأبيه، ويوم أحد جاءه الحارث من خلفه فضرب عنقه وقتله غيله، فأمر رسول الله بقتل الحارث وضرب عنقه عويم بن ساعدة على باب مسجد قباء (طبقات ابن سعد).
(٤) بعاث موضع كانت فيه حرب بين الأوس والخزرج.
(٥) دلائل النبوة ج ٢/ ٤١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>