للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للملك المنصور بن الناصر بن المنصور، ودقت البشائر بالقلعة المنصورة بدمشق صبيحة يوم الخميس الثامن والعشرين منه، وفرح الناس بالملك الجديد، وترحموا على الملك ودسوا له وتأسفوا عليه .

[ثم دخلت سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة]

استهلت بيوم الأحد وسلطان الاسلام بالديار المصرية والبلاد الشامية وما والاها الملك المنصور سيف الدين أبو بكر بن الملك السلطان الناصر ناصر الدين محمد بن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي، ونائب الشام الأمير علاء الدين طنبغا وقضاة الشام ومصر هم المذكورون في التي قبلها، وكذا المباشرون سوى الولاة.

شهر الله المحرم:

[ولاية الخليفة الحاكم بأمر الله]

وفي هذا اليوم بويع بالخلافة أمير المؤمنين أبو القاسم أحمد بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان العباسي ولبس السواد وجلس مع الملك المنصور على سرير المملكة، وألبسه خلعة سوداء أيضا، فجلسا وعليهما السواد، وخطب الخليفة يومئذ خطبة بليغة فصيحة مشتملة على أشياء من المواعظ والامر بالمعروف والنهي عن المنكر (١)، وخلع يومئذ على جماعة من الأمراء والأعيان، وكان يوما مشهودا، وكان أبو القاسم هذا قد عهد إليه أبوه بالخلافة (٢)، ولكن لم يمكنه الناصر من ذلك، وولى أبا إسحاق إبراهيم بن أخي أبي الربيع، ولقبه الواثق بالله، وخطب به بالقاهرة جمعة واحدة فعزله المنصور وقرر أبا القاسم هذا، وأمضى العهد ولقبه المستنصر بالله كما ذكرنا.

وفي يوم الأحد ثامن المحرم مسك الأمير سيف الدين بشتك الناصري آخر النهار، وكان قد كتب تقليده بنيابة الشام وخلع عليه بذلك وبرز ثقله ثم دخل على الملك المنصور ليودعه فرحب به وأجلسه وأحضر طعاما وأكلا، وتأسف الملك على فراقه، وقال: تذهب وتتركني وحدي، ثم قام لتوديعه وذهب بشتك من بين يديه ثماني خطوات أو نحوها، ثم تقدم إليه ثلاثة نفر فقطع أحدهم سيفه من وسطه بسكين، ووضع الآخر يده على فمه وكتفه الآخر، وقيدوه وذلك كله بحضرة السلطان، ثم غيب ولم يدر أحد إلى أين صار، ثم قالوا لمماليكه: اذهبوا أنتم فائتوا بمركوب


(١) نسخة الخطبة في السلوك ٢/ ٣/ ٥٥٩.
(٢) في بدائع الزهور ١/ ١/ ٤٧٤: لما خلع من الخلافة، عهد إلى ولده أحمد من بعده، وثبت ذلك العهد على قاضي قوص - وكان الخليفة المستكفي قد أبعد إلى قوص وأقام بها ثلاث سنين ونصف ومات هناك في شعبان سنة ٧٤١ هـ - بشهادة أربعين رجلا من العدول. وأما الملك الناصر لم يول أحمد المذكور وتروى أربعة أشهر في أمر من يلي الخلافة إلى أن طلب - على حين غفلة - إبراهيم بن الإمام أحمد الحاكم بأمر الله وولاه الخلافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>