للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمَنْصُورِيُّ أَمِيرُ عَلَمٍ، وَحَجَّ فِيهَا صَدْرُ الدِّينِ قَاضِي الْقُضَاةِ الْحَنَفِيُّ، وَبُرْهَانُ الدِّينِ بْنُ عَبْدِ الحق، وشرف الدين بن تَيْمِيَّةَ، وَنَجْمُ الدِّينِ الدِّمَشْقِيُّ وَهُوَ قَاضِي الرَّكْبِ، ورضي الدين المنطيقي، وشمس الدين بن الزريز خَطِيبُ جَامِعِ الْقُبَيْبَاتِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَشِيقٍ الْمَالِكِيُّ وَغَيْرُهُمْ.

وَفِيهَا حَجَّ سُلْطَانُ الْإِسْلَامِ الْمَلِكُ النَّاصِرُ مُحَمَّدُ بْنُ قَلَاوُونَ وَمَعَهُ جَمْعٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ، وَوَكِيلُهُ كَرِيمُ الدِّينِ وَفَخْرُ الدِّينِ كَاتِبُ الْمَمَالِيكِ، وَكَاتِبُ السِّرِّ ابْنُ الْأَثِيرِ، وَقَاضِي القضاة ابن جَمَاعَةَ، وَصَاحِبُ حَمَاةَ الْمَلِكُ عِمَادُ الدِّينِ، وَالصَّاحِبُ شَمْسُ الدِّينِ غِبْرِيَالُ، فِي خِدْمَةِ السُّلْطَانِ

وَكَانَ فِي خِدْمَتِهِ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْأَعْيَانِ.

وَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةٌ عَظِيمَةٌ بَيْنَ التَّتَارِ بِسَبَبِ أَنَّ ملكهم أبا سَعِيدٍ كَانَ قَدْ ضَاقَ ذَرْعًا بِجُوبَانَ وَعَجَزَ عَنْ مَسْكِهِ، فَانْتَدَبَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ عَنْ أَمْرِهِ، مِنْهُمْ أَبُو يَحْيَى خَالُ أَبِيهِ، ودقماق وقرشي وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَكَابِرِ الدَّوْلَةِ، وَأَرَادُوا كَبْسَ جُوبَانَ فهرب وجاء إلى السلطان فأنهى إِلَيْهِ مَا كَانَ مِنْهُمْ، وَفِي صُحْبَتِهِ الْوَزِيرُ عَلِيُّ شَاهْ، وَلَمْ يَزَلْ بِالسُّلْطَانِ حَتَّى رَضِيَ عَنْ جُوبَانَ وَأَمَدَّهُ بِجَيْشٍ كَثِيفٍ، وَرَكِبَ السُّلْطَانُ مَعَهُ أَيْضًا وَالْتَقَوْا مَعَ أُولَئِكَ فَكَسَرُوهُمْ وَأَسَرُوهُمْ، وَتَحَكَّمَ فِيهِمْ جُوبَانُ فَقَتَلَ مِنْهُمْ إِلَى آخِرِ هذه السنة نحواً من أربعين أميرا.

وممن توفي فيها من الأعيان: الشيخ المقري شِهَابُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَيْنُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ فَزَارَةَ (١) بْنِ بَدْرٍ الْكَفْرِيُّ الْحَنَفِيُّ، وُلِدَ تَقْرِيبًا فِي سَنَةِ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ وَسِتِّمِائَةٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ كِتَابَ التِّرْمِذِيِّ، وَقَرَأَ الْقِرَاءَاتِ وَتَفَرَّدَ بِهَا مُدَّةً يَشْتَغِلُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَجَمَعَ عَلَيْهِ السَّبْعَ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ طَالِبًا، وَكَانَ يَعْرِفُ النَّحْوَ وَالْأَدَبَ وَفُنُونًا كَثِيرَةً وَكَانَتْ مُجَالَسَتُهُ حَسَنَةً، وَلَهُ فَوَائِدُ كَثِيرَةٌ، دَرَّسَ بِالطَّرْخَانِيَّةِ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً، وَنَابَ فِي الْحُكْمِ عَنِ الْأَذْرَعِيِّ مُدَّةَ وِلَايَتِهِ، وَكَانَ خَيِّرًا مُبَارَكًا أضر فِي آخِرِ عُمْرِهِ، وَانْقَطَعَ فِي بَيْتِهِ، مُوَاظِبًا عَلَى التِّلَاوَةِ وَالذِّكْرِ وَإِقْرَاءِ الْقُرْآنِ إِلَى أَنْ توفي ثَالِثَ عَشَرَ جُمَادَى الْأُولَى، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ بَعْدَ الظُّهْرِ يَوْمَئِذٍ بِجَامِعِ دِمَشْقَ، وَدُفِنَ بَقَاسِيُونَ رَحِمَهُ الله.

وفي هذا الشهر جاء خبر بِمَوْتِ: الشَّيْخِ الْإِمَامِ تَاجِ الدِّين عَبْدِ الرَّحمن بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَامِدٍ التِّبْرِيزِيِّ الشَّافِعِيِّ المعروف بالأفضلي، بعد رجوعه من


(١) من غاية النهاية ١ / ٢٤١، وفي الاصل: الحسن بن سليمان بن خزارة تصحيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>