للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى النجاشي رضي عنه وكتب إليه أن أثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري فأقام أبرهة باليمن.

[سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة]

(ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل. ألم يجعل كيدهم في تضليل. وأرسل عليهم طيرا أبابيل. ترميهم بحجارة من سجيل. فجعلهم كعصف مأكول) (١).

قيل أول من ذلل الفيلة إفريدون بن أثفيان (٢) الذي قتل الضحاك قاله الطبري وهو أول من اتخذ للخيل السرج. وأما أول من سخر الخيل وركبها فطهمورث (٣) وهو الملك الثالث من ملوك الدنيا ويقال إن أول من ركبها إسماعيل بن إبراهيم ويحتمل أنه أول من ركبها من العرب والله تعالى أعلم.

ويقال إن الفيل مع عظمة خلقه يفرق من الهر. وقد احتال بعض أمراء الحروب في قتال الهنود بإحضار سنانير إلى حومة الوغى فنفرت الفيلة (٤).

قال ابن إسحاق ثم إن أبرهة بني القليس (٥) بصنعاء كنيسة لم ير مثلها في زمانها بشئ من الأرض وكتب إلى النجاشي إني قد بنيت لك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب.

فذكر السهيلي أن أبرهة استذل أهل اليمن في بناء هذه الكنيسة الخسيسة وسخرهم فيها أنواعا من السخر. وكان من تأخر عن العمل حتى تطلع الشمس يقطع يده لا محالة. وجعل ينقل إليها من قصر بلقيس رخاما وأحجارا وأمتعة عظيمة وركب فيها صلبانا من ذهب وفضة وجعل فيها منابر من عاج وأبنوس وجعل ارتفاعها عظيما جدا واتساعها باهرا (٦) فلما هلك بعد ذلك أبرهة وتفرقت الحبشة كان من يتعرض لاخذ شئ من بنائها وأمتعتها أصابته الجن بسوء. وذلك لأنها كانت مبنية على اسم صنمين - كعيب وامرأته - وكان طول كل منهما ستون ذراعا. فتركها أهل


(١) سورة الفيل الآيات.
(٢) في ابن الأثير اثغيان وهو أول من ذلل الفيلة وامتطاها ونتج للبغال.
وفي مروج الذهب ١/ ٢٣١ افريدون بن اثقابان.
(٣) في الطبري وابن الأثير: أول من اتخذ زينة الملوك من الخيل والبغال والحمير.
(٤) في مروج الذهب ج ٢/ ٩: والفيل يهرب من السنانير وهي القطاط ولا يقف لها البتة. وقد ذكر من ملوك الفرس أنها كانت توقي الفيلة .. بتخلية السنانير عليها. وفي ذلك يقول هارون بن موسى أحد أمراء السند وكان قد واجه ملك الهند فواجه الفيل بقط معه فهرب الفيل وكان ذلك سبب هزيمة الملك:
وكنت قد أعددت هرا لها … قليل التهيب للزندبيل
(٥) في الاخبار الطوال: بيعة.
(٦) في رواية للطبري ج ٢/ ١١٠ أن أبرهة كتب إلى قيصر يطلب مساعدته فأعانه بالصناع والفسيفساء والرخام.

<<  <  ج: ص:  >  >>