للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالدعاء ثم قال: واعلموا يا أهل الكوفة أنه لم يصعد منبركم هذا خليفة بعد رسول الله إلا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وأمير المؤمنين هذا - وأشار بيده إلى السفاح - واعلموا أن هذا الامر فينا ليس بخارج عنا، حتى نسلمه إلى عيسى بن مريم ، والحمد لله رب العالمين على ما أبلانا وأولانا. ثم نزل أبو العباس وداود حتى دخلا القصر. ثم دخل الناس يبايعون إلى العصر، ثم من بعد العصر إلى الليل.

ثم إن أبا العباس خرج فعسكر بظاهر الكوفة (١) واستخلف عليها عمه داود، وبعث عمه عبد الله بن علي إلى أبي عون بن يزيد، وبعث ابن أخيه عيسى بن موسى إلى الحسن بن قحطبة. وهو يومئذ بواسط يحاصر ابن هبيرة، وبعث يحيى بن [جعفر بن] تمام بن العباس إلى حميد بن قحطبة بالمدائن، وبعث أبا اليقظان عثمان بن عروة بن محمد بن عمار بن ياسر إلى بسام بن إبراهيم بن بسام بالأهواز، وبعث سلمة بن عمرو بن عثمان إلى مالك بن الطواف (٢). وأقام هو بالعسكر أشهرا، ثم ارتحل فنزل المدينة الهاشمية في قصر الامارة، وقد تنكر لأبي سلمة الخلال، وذلك لما كان بلغه عنه من العدول بالخلافة عن ابن العباس إلى آل علي بن أبي طالب والله أعلم.

[مقتل مروان بن محمد بن مروان]

آخر خلفاء بني أمية، وتحول الخلافة إلى بني العباس مأخوذ من قوله تعالى: (والله يؤتى ملكه من يشاء) [البقرة: ٢٤٦] وقوله (قل اللهم مالك الملك) الآية [آل عمران: ٢٦]. وقد ذكرنا أن مروان لما بلغه خبر أبي مسلم وأتباعه وما جرى بأرض خراسان، تحول من حران فنزل على نهر قريب من الموصل، يقال له الزاب من أرض الجزيرة ثم لما بلغه أن السفاح قد بويع له بالكوفة والتفت عليه الجنود، واجتمع له أمره، شق عليه جدا، وجمع جنوده فتقدم إليه أبو عون بن أبي يزيد (٣) في جيش كثيف وهو أحد أمراء السفاح، فنازله على الزاب وجاءته الامداد من جهة السفاح، ثم ندب السفاح الناس ممن يلي القتال من أهل بيته، فانتدب له عبد الله بن علي فقال: سر على بركة الله، فسار في جنود كثيرة فقدم على أبي عون فتحول له أبو عون عن سرادقه وخلاه له وما فيه، وجعل عبد الله بن علي على شرطته حياش بن حبيب الطائي، ونصير بن المحتفز، ووجه أبو العباس موسى بن كعب في ثلاثين رجلا على البريد إلى عبد الله بن علي يحثه على مناجزة مروان، والمبادرة إلى قتاله ونزاله قبل أن تحدث أمور، وتبرد نيران الحرب. فتقدم عبد الله بن علي بجنوده حتى واجه جيش مروان، ونهض مروان في


(١) في الطبري ٩/ ١٢٩ وابن الأثير ٥/ ٤١٦: بحمام أعين.
(٢) في الطبري: طريف.
(٣) في الطبري: أبو عون عبد الملك بن يزيد الأزدي (انظر بن الأثير ٥/ ٤١٧ وابن الأعثم ٨/ ١٨٢ ومروج الذهب ٣/ ٣١٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>