استهلت هذه السنة وسلطان المسلمين الملك الناصر عماد الدنيا والدين إسماعيل بن الملك الناصر ناصر الدين محمد بن الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي، ونائبه بالديار المصرية الأمير سيف الدين آقسنقر السلاري، وقضاته هم هم المتقدم ذكرهم في العام الماضي، ونائبه بدمشق الأمير سيف الدين تغردمر الحموي، وقضاته هم المتقدم ذكرهم، وكذلك الصاحب والخطيب وناظر الجامع والخزانة ومشد الأوقاف وولاية المدينة.
استهلت والجيوش المصرية والشامية محيطة بحصن الكرك محاصرون ويبالغون في أمره، والمنجنيق منصوب وأنواع آلات الحصار كثيرة، وقد رسم بتجريدة من مصر والشام أيضا تخرج إليها. وفي يوم الخميس عاشر صفر دخلت التجريدة من الكرك إلى دمشق واستمرت التجريدة الجديدة على الكرك ألفان من مصر وألفان من الشام، والمنجنيق منقوض موضوع عند الجيش خارج الكرك، والأمور متوفقة على (١) وبرد الحصار بعد رجوع الأحمدي إلى مصر.
وفي يوم السبت ثاني ربيع الأول توفي السيد الشريف عماد الدين الخشاب بالكوشك في درب السيرجي جوار المدرسة العزية، وصلي عليه ضحى بالجامع الأموي، ودفن بمقابر باب الصغير، وكان رجلا شهما كثير العبادة والمحبة للسنة وأهلها، ممن واظب الشيخ تقي الدين بن تيمية ﵀ وانتفع به، وكان من جملة أنصاره وأعوانه على الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهو الذي بعثه
(١) كذا بالأصل، وفيه اختل السياق، ولعل الصواب ما أورده المقريزي في السلوك ٢/ ٦٥٣ وما بعدها: - هناك اتصالات تجري بين الناصر أحمد والملك الصالح إسماعيل لمعالجة موضوع حصار الكرك سلميا بينهما، ومع اشتداد الحصار أخذ كثير من الأمراء بالفرار من الكرك والالتجاء إلى معسكر الصالح إسماعيل. تخلى أهل الكرك عن الناصر أحمد، وقلة القوت عنده .. فباتت الأمور مجمدة في الكرك بانتظار جلاء الأوضاع، ووضوح المواقف لكل من الفريقين المتقاتلين.