للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَقَدْ غَادَرَ الرُّكْبَانُ يَوْمَ تَحَمَّلُوا * بِرَوْذَةَ شَخْصًا لَا جَبَانًا وَلَا غَمْرَا فَقُلْ لِزُبَيْدٍ بلٍ لمذحج كلها * رزئتم أبا ثور قريع الوغى عمراً وكان عمرو بن معدي كرب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنَ الشُّعَرَاءِ الْمُجِيدِينَ، فَمِنْ شِعْرِهِ: أَعَاذِلَ عُدَّتِي بَدَنِي وَرُمْحِي * وَكُلُّ مُقَلَّصٍ سَلِسِ الْقِيَادِ أَعَاذِلَ إِنَّمَا أَفْنَى شَبَابِي * إِجَابَتِيَ الصَّرِيخَ إِلَى الْمُنَادِي مَعَ الْأَبْطَالِ حَتَّى سَلَّ جسمي * وأقرع عَاتِقِي حَمْلُ النِّجَادِ وَيَبْقَى بَعْدَ حِلْمِ الْقَوْمِ حِلْمِي * وَيَفْنَى قَبْلَ زَادِ الْقَوْمِ زَادِي تَمَنَّى أَنْ يُلَاقِينِي قُيَيْسٌ * وَدِدْتُ وَأَيْنَمَا مِنِّي وِدَادِي فَمَنْ ذَا عَاذِرِي مِنْ ذِي سَفَاهٍ * يَرُودُ بنفسه مني المرادي أُرِيدُ حَيَاتَهُ وَيُرِيدُ قَتْلِي * عَذِيرَكَ مِنْ خَلِيلِكَ من مرادي لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ فِي التَّلْبِيَةِ رَوَاهُ شَرَاحِيلُ بن القعقاع عنه، قال: كنا فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا لَبَّيْنَا: لَبَّيْكَ تَعْظِيمًا إِلَيْكَ عذراً * هذي زبيد قد أتتك قسراً * يعدو بِهَا مُضَمَّرَاتٌ شَزْرَا * يَقْطَعْنَ خَبْتًا وَجِبَالًا وَعْرًا * قَدْ تَرَكُوا الْأَوْثَانَ خِلْوًا صِفْرَا * قَالَ عَمْرٌو: فنحن نقول الآن ولله الحمد ما عَلَّمَنَا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالْمُلْكَ، لَا شَرِيكَ لَكَ.

الْعَلَاءُ بْنُ الْحَضْرَمِيِّ أَمِيرُ الْبَحْرَيْنِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ.

تَقَدَّمَ أَنَّهُ تُوُفِّيَ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُ تَأَخَّرَ إِلَى سَنَةِ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَعَزَلَهُ عُمَرُ عَنِ الْبَحْرَيْنِ وَوَلَّى مَكَانَهُ أَبَا

هُرَيْرَةَ.

وَأَمَّرَهُ عُمَرُ عَلَى الْكُوفَةِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إِلَيْهَا مُنْصَرَفَهُ مِنَ الْحَجِّ.

كَمَا قَدَّمْنَا ذَلِكَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي دَلَائِلَ النُّبُوَّةِ قَصَّتْهُ فِي سَيْرِهِ بِجَيْشِهِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ وَمَا جَرَى لَهُ مِنْ خَرْقِ الْعَادَاتِ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.

النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرِّنِ بْنِ عَائِذٍ المزني أمير وقعة نهاوند، صحابي جليل، قَدِمَ مَعَ قَوْمِهِ مِنْ مُزَيْنَةَ فِي أَرْبَعِمِائَةِ رَاكِبٍ، ثُمَّ سَكَنَ الْبَصْرَةَ وَبَعَثَهُ الْفَارُوقُ أَمِيرًا عَلَى الْجُنُودِ إِلَى نَهَاوَنْدَ، فَفَتَحَ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ فَتْحًا عَظِيمًا، وَمَكَّنَ اللَّهُ لَهُ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَمَكَّنَهُ مِنْ رِقَابِ أُولَئِكَ الْعِبَادِ، وَمَكَّنَ بِهِ لِلْمُسْلِمِينَ هُنَالِكَ إِلَى يَوْمِ التَّنَادِ، وَمَنَحَهُ النَّصْرَ فِي الدُّنيا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ، وأتاح له بعد ما أَرَاهُ مَا أَحَبَّ شَهَادَةً عَظِيمَةً وَذَلِكَ غَايَةُ المراد،

<<  <  ج: ص:  >  >>