للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رسول الله صلى الله عليه وسلم في وَفْدِ بَنِي تَمِيمٍ قَامَ فَقَالَ: أَتَيْنَاكَ كيمَا يَعْلَمُ النَّاس فَضْلَنَا * إِذَا اخْتَلَفُوا (١) عِنْدَ احْتِضَارِ الْمَوَاسِمِ بأنَّا فُرُوعُ النَّاس فِي كُلِّ موطنٍ * وَأَنْ لَيْسَ فِي أَرْضِ الْحِجَازِ كدارمِ وأنَّا نَذُودُ الْمُعْلِمِينَ إِذَا انْتَخَوْا * وَنَضْرِبُ رأسَ الْأَصْيَدِ المتفاقمِ وإنَّ لَنَا المِرْباعُ فِي كُلِّ غَارَةٍ * تغيَّر بِنَجْدٍ أَوْ بأرضِ الأعَاجم قَالَ فَقَامَ حَسَّانُ فَأَجَابَهُ فَقَالَ: هَلِ الْمَجْدُ إِلَّا السُّؤدد الْعَوْدُ والنَّدى * وجاهُ الملوكِ وَاحْتِمَالُ الْعَظَائِمِ نَصَرْنَا وَآوَيْنَا النَّبيّ مُحَمَّدًا * عَلَى أَنْفِ راضٍ مِنْ معدٍ وَرَاغِمِ بِحَيٍّ حَرِيدٍ أَصْلُهُ وَثَرَاؤُهُ * بجَابية الْجَوْلَانِ وسط الأعاجمِ

نصرناه لَمَّا حلَّ بَيْنَ بُيُوتِنَا * بِأَسْيَافِنَا مِنْ كُلِّ باغٍ وظالمِ جَعَلْنَا بَنِينَا دُونَهُ وَبَنَاتِنَا * وطِبْنا له نفسا بفئ المغانمِ وَنَحْنُ ضَرَبْنَا النَّاس حتَّى تَتَابَعُوا * عَلَى دِينِهِ بِالْمُرْهَفَاتِ الصَّوارم وَنَحْنُ وَلدنا مِنْ قُرَيْشٍ عَظِيمَهَا * وَلَدْنَا نَبِيَّ الْخَيْرِ مِنْ آلِ هَاشِمِ (٢) بَنِي دارمٍ لَا تَفْخَرُوا إنَّ فَخْرَكُمْ * يَعُودُ وَبَالًا عِنْدَ ذِكْرِ المكارمِ هَبِلْتُم عَلَيْنَا تَفْخَرُونَ وأنتمُ * لَنَا خَوَلٌ مِنْ بَيْنِ ظِئْرٍ وخادمِ فَإِنْ كُنْتُمُ جِئْتُمْ لِحَقْنِ دِمَائِكُمْ * وَأَمْوَالِكُمْ أَنْ تُقسموا فِي الْمَقَاسِمِ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ ندَّاً وَأَسْلِمُوا * وَلَا تَلْبَسُوا زيَّاً كزيِّ الْأَعَاجِمِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ.

فَلَمَّا فَرَغَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ مِنْ قَوْلِهِ، قَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ: وَأَبِي، إنَّ هَذَا لَمُؤَتًّى لَهُ، لَخَطِيبُهُ أَخْطَبُ مِنْ خطيبنا، ولشاعره أشعر من شاعرنا، ولأصواتهم أعلا مِنْ أَصْوَاتِنَا.

قَالَ: فَلَمَّا فَرَغَ الْقَوْمُ أَسْلَمُوا، وجوَّزهم رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْسَنَ جَوَائِزَهُمْ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ قَدْ خَلَّفَهُ الْقَوْمُ فِي رِحَالِهِمْ، وَكَانَ أَصْغَرَهُمْ سِنًّا، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ عَاصِمٍ - وَكَانَ يَبْغُضُ عَمْرَو بن الأهتم - يا رسول الله، أنه كَانَ رَجُلٌ مِنَّا فِي رِحَالِنَا وَهُوَ غُلَامٌ حَدَثٌ وَأَزْرَى بِهِ، فَأَعْطَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ مَا أَعْطَى الْقَوْمَ، قال عَمْرُو بْنُ الْأَهْتَمِ حِينَ بَلَغَهُ أَنَّ قَيْسًا قَالَ ذَلِكَ يَهْجُوهُ: ظَلِلْتَ مُفْتَرِشَ الْهَلْبَاءِ تَشْتُمُنِي * عِنْدَ الرَّسول فَلَمْ تصدقْ وَلَمْ تُصبِ سُدْنَاكُمْ سُؤْدُدًا رَهْوَاً وَسُؤْدُدُكُمْ * بادٍ نَوَاجِذُهُ مَقْعٍ عَلَى الذنب


(١) في ابن هشام: احتفلوا.
(٢) في البيت إشارة أن أم عبد المطلب جد النبي كانت جارية من الأنصار، وهي سلمى بنت عمرو النجارية الخزرجية.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>