للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سِمَاكٌ الْحَنَفِيُّ - أَبُو زُمَيْلٍ حَدَّثَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أصحابه يَوْمَ بَدْرٍ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَنَيِّفٌ وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ وَزِيَادَةٌ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَمَا تَقَدَّمَ إِلَى قَوْلِهِ: فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَاسْتَشَارَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبَا بَكْرٍ وَعَلِيًّا وَعُمَرَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو الْعَمِّ وَالْعَشِيرَةُ وَالْإِخْوَانُ وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُمُ الْفِدْيَةَ فَيَكُونَ مَا أَخَذْنَاهُ قُوَّةً لَنَا عَلَى الْكُفَّارِ، وَعَسَى أَنْ يَهْدِيَهُمُ اللَّهُ فَيَكُونُوا لَنَا عَضُدًا.

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَرَى يا ابن الْخَطَّابِ؟ " قَالَ: قُلْتُ وَاللَّهِ مَا أَرَى مَا رَأَى أَبُو بَكرِ، وَلَكنْ أَرَى أَنْ تُمَكِّنَنِي مِنْ فُلَانٍ قَرِيبٍ لِعُمَرَ فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتَمَكِّنَ عَلِيًّا مِنْ عَقِيلٍ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ، وَتُمَكِّنَ حَمْزَةَ مِنْ فُلَانٍ أَخِيهِ فَيَضْرِبَ عُنُقَهُ حَتَّى يَعْلَمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَيْسَتْ فِي قُلُوبِنَا هَوَادَةٌ لِلْمُشْرِكِينَ، وَهَؤُلَاءِ صَنَادِيدُهُمْ وَأَئِمَّتُهُمْ وَقَادَتُهُمْ فَهَوِيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَهْوَ مَا قُلْتُ وَأَخَذَ مِنْهُمُ الْفِدَاءَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ قَالَ عُمَرُ: فَغَدَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وهما يَبْكِيَانِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْبِرْنِي مَاذَا يُبْكِيكَ أَنْتَ وَصَاحِبُكَ فَإِنْ وَجَدْتُ بُكَاءً بِكَيْتُ وَإِنْ لَمْ أَجِدْ بُكَاءً تَبَاكَيْتُ لِبُكَائِكُمَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " [أبكي] (١) لِلَّذِي عَرَضَ عَلَيَّ أَصْحَابُكَ مِنْ أَخْذِهِمُ الْفِدَاءَ قَدْ

عُرِضَ عَلَيَّ عَذَابُكُمْ أَدْنَى مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ " لِشَجَرَةٍ قَرِيبَةٍ - وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أن يكون لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ (٢) فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ) [الأنفال: ٦٧] مِنَ الْفِدَاءِ، ثُمَّ أَحَلَّ لَهُمُ الْغَنَائِمَ وَذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثَ (٣) .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ [أَبِي] (٤) عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَقُولُونَ فِي هَؤُلَاءِ الْأَسْرَى؟ قَالَ: فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَوْمُكَ وَأَهْلُكَ اسْتَبْقِهِمْ وَاسْتَأْنِ بِهِمْ لعلَّ اللَّهَ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ.

قَالَ: وَقَالَ عُمَرُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَخْرَجُوكَ وَكَذَّبُوكَ قَرِّبْهُمْ فَاضْرِبْ أَعْنَاقَهُمْ.

قَالَ: وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ انْظُرْ وَادِيًا كَثِيرَ الْحَطَبِ فَأَدْخِلْهُمْ فِيهِ ثُمَّ أضرمه عليهم ناراً.

قَالَ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ شَيْئًا.

فَقَالَ نَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ، وَقَالَ نَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ، وَقَالَ نَاسٌ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ.

فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَيُلِينُ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ، حَتَّى تَكُونَ ألين من اللين، وَإِنَّ اللَّهَ لَيَشُدُّ قُلُوبَ رِجَالٍ فِيهِ حَتَّى تَكُونَ أَشَدَّ مِنَ الْحِجَارَةِ، وَإِنَّ مَثَلَكَ يَا أبا بكر كمثل إبراهيم قَالَ: (فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ


(١) من دلائل البيهقي.
(٢) يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ: أي يكثر قهر عدوه وقتله.
(٣) أخرجه مسلم في حديث طويل في ٣٢ كتاب الجهاد (١٨) باب الامداد بالملائكة ح ٥٨ وأخرجه أبو داود في الجهاد باب فداء الاسير بالمال عن أحمد بن حنبل عن أبي نوح عن عكرمة.
(٤) من المسند، وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن مسعود.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>