للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المسلمين. وشرع أبو بكر في تجهيز السرايا والبعوث والجيوش إمدادا لخالد . قال الواقدي اختلف في خالد، فقائل يقول: مضى من وجهه ذلك من اليمامة إلى العراق، وقائل يقول: رجع من اليمامة إلى المدينة ثم سار إلى العراق من المدينة فمر على طريق الكوفة حتى انتهى إلى الحيرة. قلت: والمشهور الأول. وقد ذكر المدائني بأسناده أن خالدا توجه إلى العراق في المحرم سنة اثنتي عشرة، فجعل طريقه البصرة وفيها قطبة بن قتادة، وعلى الكوفة المثنى بن حارثة الشيباني. وقال محمد بن إسحاق عن صالح بن كيسان. إن أبا بكر كتب (١) إلى خالد أن يسير إلى العراق فمضى خالد يريد العراق حتى نزل بقريات من السواد يقال لها بانقيا وباروسما، وصاحبها حابان، فصالحه أهلها. قلت: وقد قتل منهم المسلمون قبل الصلح خلقا كثيرا. وكان الصلح على ألف درهم (٢)، وقيل دينار … في رجب وكان الذي صالحه بصبهرى بن صلوبا، ويقال صلوبا بن بصبهري، فقبل منهم خالد وكتب لهم كتابا، ثم أقبل حتى نزل الحيرة فخرج إليه أشرافها مع بيصة بن إياس بن حية الطائي (٣) وكان أمره عليها كسرى بعد النعمان بن المنذر فقال لهم خالد: أدعوكم إلى الله وإلى الاسلام فإن أجبتم إليه فأنتم من المسلمين لكم ما لهم وعليكم ما عليهم، فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد أتيتكم بأقوام هم أحرص على الموت منكم على الحياة، جاهدناكم حتى يحكم الله بيننا وبينكم. فقال له قبيصة: ما لنا بحربك من حاجة بل نقيم على ديننا ونعطيكم الجزية. فقال لهم خالد: تبا لكم إن الكفر فلاة مضلة، فأحمق العرب من سلكها، فلقيه رجلان أحدهما عربي والآخر أعجمي فتركه (٤) واستدل بالعجمي، ثم صالحهم


(١) في سنن البيهقي ٩/ ١٧٩ نص كتاب أبي بكر إلى خالد وهو باليمامة وفيه: من عبد الله أبي بكر خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى خالد بن الوليد والذين معه من المهاجرين والأنصار والتابعين باحسان. " سلام عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد! فالحمد الله الذي أنجز وعده ونصر عبده، وأعز وليه، وأذل عدوه، وغلب الأحزاب فردا، فإن الله الذي لا إله إلا هو. قال: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وعدا منه لا خلف له، ومقالا لا ريب فيه، وفرض الجهاد على المؤمنين. فقال: كتب عليكم القتال وهو كره لكم … فاستتموا بوعد الله إياكم وأطيعوه فيما فرض عليكم وإن عظمت فيه المؤونة واستبدت الرزية، وبعدت المشقة، وفجعتم في ذلك بالأموال والأنفس فإن ذلك يسير في عظيم ثواب الله، فاغزوا - رحمكم الله - في سبيل الله خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم. ألا وقد أمرت خالد بن الوليد بالمسير إلى العراق، فلا يبرحها حتى يأتيه أمري، فسيروا معه ولا تثاقلوا عنه، فإنه سبيل يعظم الله فيه الاجر إن حسنت فيه نيته، وعظمت في الخير رغبته. فإذا وقعتم العراق فكونوا بها حتى يأتيكم أمري، كفانا الله وإياكم مهمات الدنيا والآخرة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ".
(٢) في الكامل: على عشرة آلاف دينار سوى حرزة كسرى.
(٣) في الكامل لابن الأثير: إياس بن قبيصة.
(٤) كذا بالأصل وفي الطبري.

<<  <  ج: ص:  >  >>