للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسن بن عثمان ابن أَحْمَدَ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ سَوْرَةَ، أَبُو عُمَرَ الواعظ المعروف بابن الغلو، سمع الحديث عن جَمَاعَةٍ.

قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَكَانَ يَعِظُ، وَلَهُ بلاغة، وفيه كرم، وأمر بمعروف ونهي عن منكر، ومن شعره قوله: دَخَلْتُ عَلَى السُّلْطَانِ فِي دَارِ عِزِّهِ * بِفَقْرٍ وَلَمْ أُجْلِبْ بَخِيلٍ وَلَا رَجْلِ وَقُلْتُ: انْظُرُوا مَا بَيْنَ فَقْرِي وَمُلْكِكُمْ * بِمِقْدَارِ مَا بَيْنَ الولاية والعزل

توفي في صفر منها وقد قارب الثمانين، ودفن بمقبرة حرب إلى جانب ابن السماك رحمهما الله.

ثم دخلت سنة سبع وعشرين وأربعمائة في المحرم منها تكاملت قنطرة عيسى التي كانت سقطت، وكان الذي ولي مشارفة الإنفاق عليها الشيخ أبو الحسين القدوري الحنفي، وفي المحرم وما بَعْدَهُ تَفَاقَمَ أَمْرُ الْعَيَّارِينَ، وَكَبَسُوا الدُّورَ وَتَزَايَدَ شرهم جداً.

وفيها توفي صاحب مصر الظاهر أبو الحسن علي بن الحاكم الْفَاطِمِيِّ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، وَقَامَ بِالْأَمْرِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَدُهُ الْمُسْتَنْصِرُ وَعُمُرُهُ سَبْعُ سِنِينَ (١) ، وَاسْمُهُ مَعَدٌّ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو تَمِيمٍ، وَتَكَفَّلَ بِأَعْبَاءِ الْمَمْلَكَةِ بَيْنَ يَدَيْهِ الْأَفْضَلُ أَمِيرُ الْجُيُوشِ، وَاسْمُهُ بَدْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْجَمَالِيُّ، وكان الظاهر هذا قَدِ اسْتَوْزَرَ الصَّاحِبَ أَبَا الْقَاسِمِ عَلِيَّ بْنَ أَحْمَدَ الْجَرْجَرَائِيَّ، وَكَانَ مَقْطُوعَ الْيَدَيْنِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ، فِي سَنَةِ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ، فَاسْتَمَرَّ فِي الْوِزَارَةِ مُدَّةَ وِلَايَةِ الظَّاهِرِ، ثُمَّ لِوَلَدِهِ الْمُسْتَنْصِرِ، حَتَّى تُوُفِّيَ الْوَزِيرُ الْجَرْجَرَائِيُّ الْمَذْكُورُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَكَانَ قَدْ سَلَكَ فِي وِزَارَتِهِ الْعِفَّةَ الْعَظِيمَةَ، وَكَانَ الَّذِي يُعَلِّمُ عَنْهُ الْقَاضِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْقُضَاعِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ الشِّهَابِ، وَكَانَتْ علامته الحمد لله شكراً لنعمه، وَكَانَ الَّذِي قَطَعَ يَدَيْهِ مِنَ الْمِرْفِقَيْنِ الْحَاكِمُ، لجناية ظَهَرَتْ مِنْهُ فِي سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، ثُمَّ اسْتَعْمَلَهُ فِي بَعْضِ الْأَعْمَالِ سَنَةَ تِسْعٍ، فَلَمَّا فقد الحاكم فِي السَّابِعِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ شَوَّالٍ، سَنَةَ إِحْدَى عشرة، تنقلت بالجر جرائي الْمَذْكُورِ الْأَحْوَالُ حَتَّى اسْتَوْزَرَ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ كَمَا ذَكَرْنَا، وَقَدْ هَجَاهُ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ فَقَالَ: يا أجمعا اسْمَعْ وَقُلْ * وَدَعِ الرَّقَاعَةَ وَالتَّحَامُقْ أَأَقَمْتَ نَفْسَكَ فِي الثِّقَا * تِ وَهَبْكَ فِيمَا قُلْتَ صَادِقْ


(١) في الكامل ٩ / ٤٤٧: ومولده بالقاهرة سنة عشر وأربعمائة.
وفي مختصر أخبار البشر ٢ / ١٥٩: مولده سنة عشرين وأربعمائة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>