للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا حَوْلَهَا مِنَ الْقُرَى حَتَّى رَأَيْتُهَا بِعَيْنِي.

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " دَعُوُا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ " هَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مُطَوَّلًا وَإِنَّمَا رَوَى مِنْهُ أَبُو دَاوُدَ: دَعُوُا الْحَبَشَةَ مَا وَدَعُوكُمْ وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ عَنْ عِيسَى بْنِ مُحَمَّدٍ الرَّمْلِيِّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِي زُرْعَةَ يَحْيَى بْنِ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيِّ (١) بِهِ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَحَدَّثَنِي مَنْ لَا أَتَّهِمُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: حِينَ فُتِحَتْ هَذِهِ الْأَمْصَارُ فِي زَمَانِ عُمَرَ وَزَمَانِ عُثْمَانَ وَمَا بَعْدَهُ افْتَتِحُوا مَا بَدَا لَكُمْ فَوَالَّذِي نَفْسُ أَبِي هُرَيْرَةَ بِيَدِهِ مَا افْتَتَحْتُمْ مِنْ مَدِينَةٍ وَلَا تَفْتَحُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَقَدْ أَعْطَى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَفَاتِيحَهَا قَبْلَ ذَلِكَ.

وَهَذَا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ مُنْقَطِعٌ أَيْضًا وَقَدْ وُصِلَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حدَّثنا لَيْثٌ، حدَّثني عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم يَقُولُ بُعثت بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ ونُصرت بالرُّعب وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الْأَرْضِ فَوُضِعَتْ فِي يَدِي.

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مُنْفَرِدًا بِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ وَسَعْدِ بْنِ عُفَيْرٍ كِلَاهُمَا عَنِ اللَّيْثِ بِهِ وَعِنْدَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْتُمْ تنتثلو نها.

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حدَّثنا يَزِيدُ، حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم: " نُصرت بالرُّعب وأُوتيت جَوَامِعَ الْكَلِمِ وجُعلت لِيَ الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا وَبَيْنَا أَنَا نَائِمٌ أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ

خَزَائِنِ الْأَرْضِ فتلَّت فِي يَدِي ".

وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ قَوِيٌّ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ وَلَمْ يُخْرِجُوهُ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ: " إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفِقُنَّ كُنُوزَهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ".

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: " إنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زَوَى لِي مِنْهَا ".

فصل قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْخَنْدَقِ أَقْبَلَتْ قُرَيْشٌ حَتَّى نَزَلَتْ بِمُجْتَمَعِ الْأَسْيَالِ مِنْ رُومَةَ، بَيْنَ الْجُرُفِ وَزَغَابَةَ، فِي عَشَرَةِ آلَافٍ (٢) مِنْ أَحَابِيشِهِمْ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ وَأَهْلِ تِهَامَةَ، وَأَقْبَلَتْ غَطَفَانُ وَمَنْ تَبِعَهُمْ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ، حَتَّى نَزَلُوا بِذَنَبِ نَقَمَى، إِلَى جَانِبِ أُحُدٍ.

وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُسْلِمُونَ حَتَّى جَعَلُوا ظُهُورَهُمْ إِلَى سَلْعٍ فِي ثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ.

فَضَرَبَ هُنَالِكَ عَسْكَرَهُ وَالْخَنْدَقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَوْمِ وَأَمَرَ بِالذَّرَارِيِّ وَالنِّسَاءِ فَجُعِلُوا فَوْقَ الْآطَامِ.

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ واستعمل على المدينة [عبد الله] (٣) بن أُمِّ مَكْتُومٍ.

قُلْتُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى (إِذْ


(١) السيباني: نسبة إلى سيبان، بطن من حمير، توفي أبو زرعة سنة ١٤٨ هـ.
وكان ثقة.
اللباب ١ / ٥٨٥.
(٢) في ابن سعد: في أربعة آلاف.
أما جميع القوم الذين وافوا الخندق ممن ذكر من القبائل عشرة آلاف.
(٣) من ابن سعد.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>