للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اسْتَخْرَجُوا شَيْخًا مَدْفُونًا أَبْيَضَ الرَّأْسِ وَاللِّحْيَةِ كَأَنَّمَا دُفِنَ بِالْأَمْسِ فَهَمَّ بِإِحْرَاقِهِ ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ عن ذلك فَاسْتَدْعَى بِقَبَاطِيَّ فَلَفَّهُ فِيهَا وَطَيَّبَهُ وَتَرَكَهُ مَكَانَهُ.

قَالُوا وَذَلِكَ الْمَكَانُ بِحِذَاءِ بَابِ الْوَرَّاقِينَ مِمَّا يَلِي قِبْلَةَ الْمَسْجِدِ فِي بَيْتِ إِسْكَافٍ وَمَا يَكَادُ يَقِرُّ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَحَدٌ إِلَّا انْتَقَلَ مِنْهُ.

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ: قَالَ: صُلِّيَ عَلَى عَلِيٍّ لَيْلًا وَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ وعميَ مَوْضِعُ قَبْرِهِ وَلَكِنَّهُ عِنْدَ قَصْرِ الْإِمَارَةِ.

وَقَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: شَهِدَ دَفْنَهُ فِي اللَّيْلِ الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ وَابْنُ الْحَنَفِيَّةِ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِمْ فَدَفَنُوهُ فِي ظَاهِرِ الْكُوفَةِ وَعَمُّوا قَبْرَهُ خِيفَةً عَلَيْهِ مِنِ الْخَوَارِجِ وَغَيْرِهِمْ، وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنْ عَلِيًّا قُتِلَ يوم الْجُمْعَةِ سَحَراً وَذَلِكَ لِسَبْعَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ سَنَةِ أَرْبَعِينَ وَقِيلَ إِنَّهُ قُتِلَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْأَصَحُّ الْأَشْهَرُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَدُفِنَ بِالْكُوفَةِ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً وَصَحَّحَهُ الْوَاقِدِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ وَغَيْرُ وَاحِدٍ، وَقِيلَ عَنْ خَمْسٍ وَسِتِّينَ وَقِيلَ عَنْ ثَمَانٍ وستين سَنَةً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.

وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ أَرْبَعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ.

فَلَمَّا مَاتَ عَلِيٌّ رَضِيَ الله عنه استدعى

الحسن بِابْنِ مُلْجَمٍ فَقَالَ لَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ: إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ خَصْلَةً قَالَ: وَمَا هِيَ؟ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ عَاهَدْتُ اللَّهَ عِنْدَ الْحَطِيمِ (١) أَنْ أَقْتُلَ عَلِيًّا وَمُعَاوِيَةَ أَوْ أَمُوتَ دُونَهُمَا، فَإِنْ خَلَّيْتَنِي ذَهَبْتُ إِلَى مُعَاوِيَةَ عَلَى أَنِّي إِنْ لم أقتله أو قتلته وبقيت فلله علي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ حَتَّى أَضَعَ يَدِي فِي يَدِكَ.

فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ: كَلَّا وَاللَّهَ حَتَّى تُعَايِنَ النَّارَ، ثُمَّ قَدَّمَهُ فَقَتَلَهُ ثُمَّ أَخَذَهُ النَّاسُ فَأَدْرَجُوهُ فِي بِوَارِيَّ (٢) ثُمَّ أَحْرَقُوهُ بِالنَّارِ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ قَطَعَ يَدَيْهِ وَرَجْلَيْهِ وَكُحِلَتْ عَيْنَاهُ وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ يَقْرَأُ سُورَةَ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خلق إلى آخرها ثم جاؤوا لِيَقْطَعُوا لِسَانَهُ فَجَزِعَ وَقَالَ: إنِّي أَخْشَى أَنْ تَمُرَّ عَلَيَّ سَاعَةٌ لَا أَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا ثُمَّ قَطَعُوا لِسَانَهُ ثُمَّ قَتَلُوهُ ثُمَّ حَرَقُوهُ فِي قَوْصَرَّةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَارِثُ ثَنَا ابْنُ سَعْدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: ضُرِبَ عَلِيٌّ يَوْمَ الْجُمْعَةِ فَمَكَثَ يَوْمَ الْجُمْعَةِ، وَلَيْلَةَ السَّبْتِ وَتُوُفِّيَ لَيْلَةَ الْأَحَدِ لِإِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً بَقِيَتْ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ عَنْ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.

قال الواقدي: وهو المثبت عِنْدَنَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصَّواب.

ذِكْرُ زَوْجَاتِهِ وَبَنِيهِ وبناته قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ هَانِئِ بْنِ هَانِئٍ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: " لَمَّا وُلِدَ الْحَسَنُ جَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ فَقُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا، فَقَالَ: بَلْ هُوَ حَسَنٌ، فَلَمَّا وُلِدَ الْحُسَيْنُ قَالَ: أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟ فَقُلْتُ: سَمَّيْتُهُ حَرْبًا قَالَ: بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ، فَلَمَّا وُلِدَ الثَّالِثُ جَاءَ النَّبيّ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال أروني ابني ما سميتموه؟ فقلت:


(١) الحطيم: في مكة ما كان بين الركن الاسود والباب.
وكان ابن ملجم ورفيقاه قد اتفقوا وتعاهدوا في الموسم على تنفيذ مؤامرتهم بقتل علي ومعاوية وعمرو بن العاص.
وذكر الاستاذ واشنطن ايرفنج انهم اجتمعوا بمسجد مكة وذكر أهل النهر ... (٢) بواري: الارض الخربة.
(*)

<<  <  ج: ص:  >  >>