للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطان أكرمه وعظمه وولاه قضاء الحنفية وتدريس الناصرية والصالحية، وجامع الحاكم، وعزل عن ذلك القاضي شمس الدين السروجي فمكث أياما ثم مات.

وفي نصف هذا الشهر مسك من دمشق سبعة أمراء ومن القاهرة أربعة عشر أميرا. وفي ربيع الآخر اهتم السلطان بطلب الأمير سيف الدين سلار فحضر هو بنفسه إليه فعاتبه ثم استخلص منه أمواله وحواصله في مدة شهر، ثم قتل بعد ذلك (١) فوجد معه من الأموال والحيوان والأملاك والأسلحة والمماليك والبغال والحمير أيضا والرباع شيئا كثيرا، وأما الجواهر والذهب والفضة فشئ لا يحد ولا يوصف في كثرته (٢)، وحاصل الامر أنه قد استأثر لنفسه طائفة كبيرة من بيت المال (٣) وأموال المسلمين تجري إليه، ويقال إنه كان مع ذلك كثير العطاء كريما محببا إلى الدولة والرعية والله أعلم.

وقد باشر نيابة السلطنة بمصر من سنة ثمان وتسعين إلى أن قتل يوم الأربعاء رابع عشرين هذا الشهر، ودفن بتربته ليلة الخميس بالقرافة، سامحه الله. وفي ربيع الآخر درس القاضي شمس الدين بن المعز الحنفي بالظاهرية عوضا عن شمس الدين الحريري، وحضر عنده خاله الصدر علي قاضي قضاة الحنفية وبقية القضاة والأعيان. وفي هذا الشهر كان الأمير سيف الدين استدمر قد قدم دمشق لبعض أشغاله، وكان له حنو على الشيخ صدر الدين بن الوكيل، فاستنجز له مرسوما بنظر دار الحديث وتدريس العذراوية، فلم يباشر ذلك حتى سافر استدمر، فاتفق أنه وقعت له بعد يومين كائنة بدار ابن درباس بالصالحية، وذكر أنه وجد عنده شئ من المنكرات، واجتمع عليه جماعة من أهل الصالحية مع الحنابلة وغيرهم، وبلغ ذلك نائب السلطنة فكاتب فيه، فورد الجواب بعزله عن المناصب الدينية، فخرجت عنه دار الحديث الأشرفية وبقي بدمشق وليس بيده وظيفة لذلك، فلما كان في آخر رمضان سافر إلى حلب فقرر له نائبها استدمر شيئا على الجامع، ثم ولاه تدريسا هناك وأحسن إليه، وكان الأمير استدمر قد انتقل إلى نيابة حلب في جمادى الآخرة عوضا عن سيف الدين قبجق توفي، وباشر مملكة حماة بعده الأمير عماد الدين إسماعيل بن الأفضل علي بن محمود بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وانتقل جمال الدين آقوش الأفرم من صرخد إلى نيابة طرابلس عوضا عن الحاج بهادر. وفي يوم الخميس سادس عشر


(١) في تذكرة النبيه ٢/ ٢٩: اعتقل ومنع من الزاد - في سلخ ربيع الآخرة - فمات بعد أيام جوعا. (انظر بدائع الزهور ١/ ٤٣٦ السلوك ١/ ٨٧٣).
(٢) انظر تفاصيل فيما صودر به من أموال وأملاك وغيرها بدائع الزهور ١/ ٤٣٦ - ٤٣٧ وفيه: قال بعض المؤرخين: عجبت من أمر سلار في جمع هذه الأموال العظيمة، وكانت مدته في نيابة السلطنة إحدى عشرة سنة، فكيف حوى هذه الأموال العظيمة في هذه المدة اليسيرة؟ (ص ٤٣٨).
(٣) كانت مفاتيح بيت المال بيده عندما توجه الملك الناصر إلى الكرك، فالأرجح أنه اصطفى لنفسه ما قدر عليه (بدائع الزهور ١/ ٤٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>