يَوْمَ قُتِلَ أَبُوهُ، قَالُوا: لِأَنَّهُ كَانَ قُتِلَ مُحَارَبَةً لَا قِصَاصًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ طَعْنُ علي يَوْمَ الْجُمُعَةِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ سَنَةَ أَرْبَعِينَ بِلَا خِلَافٍ فَقِيلَ مَاتَ مِنْ يَوْمِهِ وَقِيلَ يَوْمَ الْأَحَدِ التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْهُ، قَالَ الْفَلَّاسُ: وَقِيلَ ضُرِبَ لَيْلَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ وَمَاتَ ليلة أربع وعشرين عن بضع أَوْ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً، وَقِيلَ عَنْ ثَلَاثٍ وستين سنة وهو المشهور، قاله محمد بن الْحَنَفِيَّةِ، وَأَبُو جَعْفَرٍ الْبَاقِرُ، وَأَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: عَنْ ثَلَاثٍ أَوْ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَعَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْبَاقِرِ خَمْسٍ وَسِتِّينَ سَنَةً.
وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ خَمْسَ سِنِينَ إِلَّا ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ، وَقِيلَ أَرْبَعَ سِنِينَ وَثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ جَرِيرٌ عَنْ مُغِيرَةَ قَالَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ إلى معاوية وهو نائم مع امرأته فاختة بنت قرطة فِي يَوْمٍ صَائِفٍ، جَلَسَ وَهُوَ يَقُولُ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَجَعَلَ يَبْكِي فَقَالَتْ لَهُ فَاخِتَةُ: أَنْتَ بِالْأَمْسِ تَطْعَنُ عَلَيْهِ وَالْيَوْمَ تُبْكِي عَلَيْهِ، فَقَالَ: وَيْحَكَ إِنَّمَا أَبْكِي لِمَا فَقَدَ النَّاسُ مِنْ حِلْمِهِ وَعِلْمِهِ وَفَضْلِهِ وَسَوَابِقِهِ وَخَيْرِهِ.
وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا - فِي كِتَابِ مَكَائِدِ الشَّيْطَانِ - أَنَّ رَجُلًا مِنَ أَهْلِ الشَّام مِنْ أُمَرَاءِ مُعَاوِيَةَ غَضِبَ ذَاتَ لَيْلَةٍ عَلَى ابْنِهِ فَأَخْرَجَهُ مِنْ مَنْزِلِهِ، فَخَرَجَ الْغُلَامُ لَا يُدري أَيْنَ يَذْهَبُ، فَجَلَسَ وَرَاءَ الْبَابِ مِنْ خارج فنام ساعة ثم استيقظ وبابه يخمشه هر أسود بري، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْهِرُّ الَّذِي فِي
مَنْزِلِهِمْ فَقَالَ لَهُ الْبَرِيُّ: وَيْحَكَ! افْتَحْ فَقَالَ: لَا أَسْتَطِيعُ، فقال: ويحكم ائتني بشئ أتبلغ به فإني جائع وأنا تعبان، هَذَا أَوَانُ مَجِيئِي مِنَ الْكُوفَةِ، وَقَدْ حَدَثَ اللَّيْلَةَ حَدَثٌ عَظِيمٌ، قُتِلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: فَقَالَ لَهُ الْهِرُّ الْأَهْلِيُّ: وَاللَّهِ إنه ليس ها هنا شئ إِلَّا وَقَدْ ذَكَرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ، غَيْرَ سَفُّودٍ كَانُوا يَشْوُونَ عَلَيْهِ اللَّحْمَ، فَقَالَ: ائْتِنِي بِهِ، فَجَاءَ بِهِ فَجَعَلَ يَلْحَسُهُ حَتَّى أَخَذَ حَاجَتَهُ وَانْصَرَفَ، وَذَلِكَ بِمَرْأَى مِنَ الْغُلَامِ وَمَسْمَعٍ، فَقَامَ إِلَى الْبَابِ فَطَرَقَهُ فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَبُوهُ فَقَالَ: مَنْ؟ فَقَالَ لَهُ: افْتَحْ، فَقَالَ: وَيْحَكَ مالك؟ فَقَالَ: افْتَحْ، فَفَتَحَ فَقَصَّ عَلَيْهِ خَبَرَ مَا رَأَى، فَقَالَ لَهُ: وَيْحَكَ أَمَنَامٌ هَذَا؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ، قَالَ: وَيْحَكَ! أَفَأَصَابَكَ جُنُونٌ بَعْدِي؟ قَالَ لَا وَاللَّهِ، وَلَكِنَّ الْأَمْرَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، فَاذْهَبْ إِلَى مُعَاوِيَةَ الْآنَ فَاتَّخِذْ عِنْدَهُ بِمَا قُلْتُ لَكَ، فَذَهَبَ الرَّجُلُ فَاسْتَأْذَنَ عَلَى معاوية فأخبره خبر ما ذكر له ولده.
فأرخوا ذلك عندهم قبل مجئ الْبُرُدِ، وَلَمَّا جَاءَتِ الْبُرُدُ وَجَدُوا مَا أَخْبَرُوهُمْ بِهِ مُطَابِقًا لِمَا كَانَ أَخْبَرَ بِهِ أَبُو الْغُلَامِ، هَذَا مُلَخَّصُ مَا ذَكَرَهُ.
وَقَالَ أَبُو القاسم: ثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ ثَنَا زُهَيْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الأصم قال: قلت للحسين بْنِ عَلِيٍّ: إنَّ هَذِهِ الشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا مَبْعُوثٌ قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَقَالَ: كَذَبُوا وَاللَّهِ مَا هَؤُلَاءِ بِالشِّيعَةِ، لَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُ مَبْعُوثٌ مَا زَوَّجْنَا نِسَاءَهُ وَلَا قَسَمْنَا مَالَهُ.
وَرَوَاهُ أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْأَصَمِّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بِنَحْوِهِ.
خِلَافَةُ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ رضي الله عنه قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا ضَرَبَهُ ابْنُ مُلْجَمٍ قَالُوا لَهُ: اسْتَخْلِفْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ لَا وَلَكِنْ أَدَعُكُمْ كَمَا تَرَكَكُمْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلَّم - يَعْنِي بِغَيْرِ اسْتِخْلَافٍ - فَإِنْ يُرِدِ اللَّهُ بِكُمْ خَيْرًا يَجْمَعْكُمْ